للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: والمختار: أنه لم يكن ملتزما شريعة أحد مع الاتفاق على أنه صلّى الله عليه وسلم لم يعبد صنما، ولم يقترف شيئا من قاذورات الجاهلية، وكانت الأحجار تسلم عليه قبل نبوته وتناديه بالرسالة، وقبل أن يشافهه جبريل بالرسالة بستة أشهر كان وحيه مناما، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح) (١).

[[ابتداء البعث]]

ولما بلغ صلّى الله عليه وسلم أربعين سنة .. جاءه جبريل الأمين، بالرسالة من رب العالمين، إلى الخلق أجمعين.

قال أهل التواريخ والسير: جاء جبريل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم ليلة السبت، ثم ليلة الأحد، وخاطبه بالرسالة يوم الاثنين لثمان أو لعشر خلون من ربيع الأول (٢).

وقيل: كان ذلك في رمضان لستة آلاف سنة ومائة سنة وثلاث وعشرين سنة من هبوط آدم كما ذكره المسعودي (٣).

ولما بعث صلّى الله عليه وسلم .. أخفى أمره، وجعل يدعو أهل مكة، ومن أتاه إليها سرا، فاتّبعه أناس عامتهم ضعفاء من الرجال والنساء والموالي، وهم أتباع الرسل كما في حديث أبي سفيان مع هرقل (٤)، فلقوا من المشركين في ذات الله تعالى الأذى، فما ارتد أحد منهم عن دينه، ولا التوى.

وأول من أسلم خديجة، ثم علي، ثم زيد بن حارثة، ثم أبو بكر على المشهور في ترتيب إسلامهم.

والأحسن أن يقال: أول من أسلم من النساء خديجة، ومن الصبيان علي، ومن الرجال البالغين أبو بكر، ومن الموالي زيد بن حارثة (٥).

وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا مألوفا لخلقه ومعروفه، فلما أسلم .. جعل يدعو من


(١) «بهجة المحافل» (١/ ٥٧).
(٢) ذكر ذلك الطبري في «التاريخ» (٢/ ٣٠٤)، وابن الجوزي في «المنتظم» (٢/ ١٠٩)، وابن الأثير في «الكامل في التاريخ» (١/ ٦٤٩)، وغيرهم.
(٣) انظر «مروج الذهب» (٣/ ١٥).
(٤) أخرجه البخاري (٧)، ومسلم (١٧٧٣).
(٥) انظر «سبل الهدى والرشاد» (٢/ ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>