بالكأس من يده، وركض إناء الخمر برجله حتى انكسر وتبدد، وأمر صائحا يصيح بتحريم الشراب، ويأمرهم بتبديد ما معهم من الخمر؛ حسما للمادة.
قال الراوي: رأيت أثر الضرب في ظهره ظاهرا بينا.
وسنذكر في ترجمة سبأ بن سليمان الآتية بعد ترجمة الشيخ عبد الوهاب ما فيه منقبة للشيخ عبد الوهاب المذكور.
توفي الشيخ المذكور عائدا من زيارة رسول الله صلّى الله عليه وسلم في سنة اثنتين وسبعين وست مائة، وكان قد حج تلك السنة، وزار الضريح الشريف، وسمعه جماعة وهو يقول: يا رسول الله؛ أنا جارك من العود إلى الظلم، اللهم؛ لا تعدني إليه.
فتوفي على مرحلة من المدينة، فأعاده أصحابه إلى البقيع، وقبر به رحمه الله.
٣٢٠٣ - [سبأ بن سليمان](١)
سبأ بن سليمان أبو محمد.
كان رجلا ناسكا، ورعا زاهدا عابدا، فقيها مجودا، غلبت عليه العبادة.
وله كرامات كثيرة، منها أنه وصل الجابي يطلبه بشيء من مظالم الديوان، فلم يجد الفقيه في البيت، فأخذ بقرة ينتفع بها عيال الفقيه، فلما علم الفقيه بذلك .. تعب وقال:
والله لأقرأنّ الليلة القرآن، ولأدعونّ على الجابي وعلى السلطان، فلما أقبل الليل .. استقبل القبلة، وابتدأ في قراءة القرآن، فلما مضى بعض الليل والفقيه مستمر على قراءته .. أخذته عينه، فسمع قائلا يقول: يا سبأ؛ تريد أن تغير نظام العالم في حق بقرتك؟ ! أو كما قال، فاستيقظت، واستغفرت الله تعالى، ورجعت عما عزمت عليه، وعزمت على الصبر.
قال الجندي: (وروى الفقيه إبراهيم بن محمد المأربي قال: خرجت مع الفقيه سبأ بن سليمان، وكان ذا دين وورع، فمررنا بمصنعة سير، فدعانا القضاة إلى طعامهم وقت العشاء، فتعشينا عندهم، فلما أصبحنا .. أزعجني الفقيه سبأ على المسير، فقلت: ألا نقف للغداء؟ فقال: لا حاجة لنا به، وهمّ بمفارقتي، فخرجنا وسرنا حتى بلغنا الظّفر حصن الشيخ عبد الوهاب، فالتقانا ورحب بنا وأنزلنا في موضع من داره، وأتانا بشيء من
(١) «السلوك» (٢/ ٢٥٤)، و «طراز أعلام الزمن» (١/ ٤٦٠)، و «تحفة الزمن» (١/ ٥٣٧)، و «طبقات الخواص» (ص ١٤٢)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (٤/ ٣١٩).