وذكر هارون بن العباس المأموني في «تاريخه» أنه اتفق لعماد الدولة المذكور أشياء عجيبة كانت سببا لثبات مملكته، منها أنه اجتمع أصحابه في أول ملكه وطالبوه بالأموال، ولم يكن معه ما يرضيهم به، وأشرف على الانحلال، واغتم لذلك، فاستلقى في مجلسه على ظهره مفكرا في أمره، فرأى حية خرجت من موضع من سقف ذلك المجلس، ودخلت في موضع آخر منه، فخاف أن تسقط عليه، فدعا الفراشين والسلم، وأن تخرج الحية، فلما صعدوا وبحثوا عن الحية .. وجدوا ذلك السقف يفضي إلى غرفة، فعرفوه ذلك، فأمرهم بفتحها، ففتحوها ووجدوا فيها عدة صناديق من المال والصياغات قدر خمس مائة ألف دينار، فحمل المال إلى بين يديه فسر به، وأنفقه في رجاله، وثبت أمره بعد أن كان أشفى على الانخرام.
ثم إنه قطع ثيابا، وسأل عن خياط حاذق، فوصف له خياط كان لصاحب البلد قبله، فأمر بإحضاره-وكان الخياط أطروشا-فوقع له أنه قد سعي به إليه في وديعة كانت عنده لصاحب البلد، وأنه طلبه لهذا السبب، فلما خاطبه .. حلف أنه ليس عنده إلا اثنا عشر صندوقا لا يدري ما فيها، فعجب عماد الدولة من جوابه، ووجه معه من حملها، فوجدوا فيها أموالا عظيمة، وثيابا جميلة، فكان ذلك من الأسباب الدالة على قوة سعادته، ثم تمكنت حالته، واستقرت قواعده.
وتوفي سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.
١٥٣٧ - [أبو جعفر النحاس](١)
أحمد بن محمد النحوي المصري، المعروف بأبي جعفر النحاس، كان ينظّر بابن الأنباري ونفطويه، وله في النحو والأدب وغير ذلك مما يرجع إلى العربية بضعة عشر مصنفا، منها:«تفسير القرآن الكريم» وكتاب «إعراب القرآن» وكتاب «الناسخ والمنسوخ» و «التفاحة في النحو» وغير ذلك.
توفي سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.
(١) «معجم الأدباء» (٢/ ١٤٩)، و «وفيات الأعيان» (١/ ٩٩)، و «سير أعلام النبلاء» (١٥/ ٤٠١)، و «تاريخ الإسلام» (٢٥/ ١٥٥)، و «العبر» (٢/ ٢٥٢)، و «الوافي بالوفيات» (٧/ ٣٦٢)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٣٢٧)، و «بغية الوعاة» (١/ ٣٦٢)، و «شذرات الذهب» (٤/ ٢٠٣).