للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بينه وبين ابن مقلة وحشة، فقرر ابن ياقوت مع الغلمان أنه إذا جاء ابن مقلة .. قبضوا عليه، وأن الخليفة لا يخالفه في ذلك، فلما حصل ابن مقلة في دهليز دار الخلافة .. وثب عليه ابن ياقوت والغلمان فقبضوا عليه، وأرسلوا إلى الراضي يعرفونه صورة الحال، وعددوا له ذنوبا وأسبابا تقتضي ذلك، فرجع جوابه باستصواب فعلهم، ويرتبوا في الوزارة من اختاروه، فاتفق رأيهم على توزير عبد الرحمن بن عيسى بن داود الجراح، فقلده الراضي الوزارة، وسلم إليه ابن مقلة فضربه بالمقارع، وجرى عليه من المكاره بالتعليق وغيره من العقوبة شيء كثير، وأخذ خطه بألف ألف دينار، ثم خلص، وجلس بطالا في داره.

ثم إن ابن رائق استولى على الخلافة، وخرج عن طاعتها، فاستماله الراضي، وفوض إليه تدبير المملكة، وجعله أمير الأمراء، وأمر أن يخطب له على جميع المنابر، وقوي أمره، وعظم شأنه، وتصرف برأيه، فاحتاط على أملاك ابن مقلة وضياعه، وعلى أملاك ولده أبي الحسين، فأخذ ابن مقلة في السعي بابن رائق، وكتب إلى الراضي يشير عليه بإمساكه، وضمن له متى فعل ذلك، وقلده الوزارة .. استخرج له ثلاث مائة ألف ألف دينار، وكانت مكاتبته على يد ابن هارون المنجم النديم، فأطمعه الراضي بالإجابة إلى ما سأل، فلما استوثق ابن مقلة من الراضي .. ركب من داره وقد بقي من رمضان ليلة واحدة، واختار هذا الطالع؛ لأن القمر يكون تحت الشعاع، وهو يصلح للأمور المستورة، فلما وصل إلى دار الخلافة .. لم يمكن من الوصول إلى الراضي، ووجه إلى ابن رائق وأخبره بما جرى، وأنه احتال على ابن مقلة حتى حصّله في أسره، وقطع الراضي يد ابن مقلة وحبسه، وقطع ابن رائق لسان ابن مقلة في الحبس، فكان يستقي الماء في الحبس بيده اليسرى وفمه، وذلك في سنة ست وعشرين، وغالب ظني أنه لم يزل في الحبس إلى أن توفي سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة.

١٥١٠ - [أبو بكر بن الأنباري] (١)

محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر بن الأنباري النحوي.

حدث عن إسماعيل القاضي، والكديمي، وأبي العباس ثعلب وغيرهم.


(١) «تاريخ بغداد» (٣/ ٣٩٩)، و «معجم الأدباء» (٦/ ٧١١)، و «وفيات الأعيان» (٤/ ٣٤١)، و «سير أعلام النبلاء» (١٥/ ٢٧٤)، و «تاريخ الإسلام» (٢٤/ ٢٤٧)، و «العبر» (٢/ ٢٢٠)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٢٩٤)، و «شذرات الذهب» (٤/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>