يحيى بن المبارك العدوي المعروف باليزيدي؛ لصحبته يزيد بن منصور خال المهدي، صاحب التصانيف الأدبية.
كان إماما في النحو، واللغة، والأدب، والقراءة، وكان شاعرا فصيحا.
أخذ العربية وأخبار الناس عن الخليل بن أحمد، وأبي عمرو بن العلاء، ودخل مكة في رجب، وحدث بها عن أبي عمرو بن العلاء، وابن جريج، وخالف أبا عمرو في حروف يسيرة من القراءة.
وأخذ عنه ابنه محمد، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو عمرو الدوري، وأبو شعيب السوسي، وكان يؤدب أولاد يزيد بن منصور خال المهدي، وبه عرف، وإليه نسب، كما تقدم.
اتصل بالرشيد، فجعل ابنه المأمون في حجره، فكان يؤدبه، ويأخذ عليه بحرف أبي عمرو، وكان الكسائي يؤدب الأمين، ويأخذ عليه بحرف حمزة.
قال اليزيدي: وجهت إلى المأمون يوما بعض خدمه فأبطأ، ثم وجهت إليه آخر فأبطأ، فقلت: إن هذا الفتى ربما اشتغل بالبطالة، فلما خرج .. أمرت بحمله، وضربته بسبع درر، فإنه ليدلك عينيه من البكاء .. إذ قيل: هذا جعفر بن يحيى قد أقبل، فأخذ منديلا فمسح عينيه، وجمع عليه ثيابه، وقام إلى فراشه فقعد عليه متربعا، ثم قال: ليدخل، فدخل، وقمت عن المجلس وخفت أن يشكوني إليه، فألقى منه ما أكره، قال: فأقبل عليه بوجهه، وحدثه حتى أضحكه وضحك إليه، فلما هم بالحركة .. دعا بدابته، وأمر غلمانه فسعوا بين يديه، ثم سأل عني، فجئت، فقال: خذ ما بقي علي من حزبي، فقلت: أيها الأمير؛ أطال الله بقاءك، لقد خشيت أن تشكوني إلى جعفر، قال: حاشى لله، أتراني يا أبا محمد أطلع الرشيد على هذا؟ ! فكيف بجعفر يطلع علي أني محتاج إلى الأدب،
(١) «تاريخ بغداد» (١٤/ ١٥٢)، و «المنتظم» (٦/ ١١٩)، و «وفيات الأعيان» (٦/ ١٨٣)، و «سير أعلام النبلاء» (٩/ ٥٦٢)، و «تاريخ الإسلام» (١٤/ ٤٥٠)، و «معرفة القراء الكبار» (١/ ٣٢٠)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٣)، و «بغية الوعاة» (٢/ ٣٤٠)، و «شذرات الذهب» (٣/ ٩).