للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠٥٠ - [أسعد بن شهاب الصليحي] (١)

أسعد بن شهاب أبو حسان الصليحي الأمير الكبير.

كان جوادا كريما، عاقلا وقورا.

ولاه السلطان علي بن محمد الصليحي زبيد وسائر تهامة سنة ست وخمسين وأربع مائة، فبسط العدل في أقواله وأفعاله، وفسح للعلماء في نشر مذاهبهم، وسار بالرعية سيرة مرضية، وكان يقابل الحبشة وغيرهم بالصفح والإحسان، فأحبه الناس، وكان الصليحي قد أقسم أنه لا يولي تهامة إلا من وزن له مائة ألف دينار ذهبا، ثم ندم على يمينه، وأراد أن يوليها صهره أسعد المذكور، فحملت عنه أخته أسماء بنت شهاب زوج الصليحي المبلغ المذكور، فقال لها زوجها: أنى لك هذا؟ قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، فعلم أنه من خزائنه، فتبسم وقبضه وقال: بضاعتنا ردت إلينا، فقالت زوجته: ونمير أهلنا ونحفظ أخانا.

قال أسعد: فوجدت في نفسي غضاضة من الدخول تحت منة مولاتنا أسماء، وكرهت أن أمد يدي إلى ظلم أحد من الناس، فبينا أنا مستلق على ظهري أفكر في أمري؛ إذا بتراب أنثر على وجهي من السقف وهو مفترش بالذهب، وصعدت إلى سطحه، وكشفت عن السقف، فوجدت صناديق من المال بين السقفين، فيها من الذخائر ما يزيد على ثلاث مائة ألف دينار، فحمدت الله تعالى، وتصدقت بثلثه، وحملت إلى مولاتنا الثلث، وتأثّلت أملاكا وعقارا بالثلث الثالث، وعاهدت الله ألا أظلم أحدا من خلقه، فأقمت واليا خمس عشرة سنة لم يتعلق بذمتي إلا ما لا أعلم به، ثم ولي زبيد أخرى في أيام المكرم أواخر سنة خمس وسبعين وأربع مائة، فأقام بها مدة، ثم أخرجه بنو نجاح، ثم عاد إليها في سنة ثمانين وأربع مائة لما قتل سعيد الأحول، فأقام بها إلى أثناء سنة اثنتين وثمانين وأربع مائة، فثار عليه جياش بن نجاح وعامة أهل البلد، فأسره جياش، فقال له أسعد: ما يومنا منكم آل نجاح بواحد، والأيام سجال، ومثلي لا يسأل العفو، فقال له جياش: ومثلك أبا حسان لا يقتل، ثم أحسن إليه، وجهزه وسيره إلى بلاده في أهله وماله.

ولم أقف على تاريخ وفاته، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في سنة اثنتين وثمانين وأربع مائة.


(١) «السلوك» (٢/ ٤٨٩)، و «طراز أعلام الزمن» (١/ ٢٠١)، و «تحفة الزمن» (٢/ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>