لم يسبقه أحد من آبائه إلى ذلك، وباشر الأمور بنفسه، وتولى ما يعنيه، وكان فيه إقدام عظيم، حتى كان يقال له: المجنون بسبب ذلك.
وفي أيامه: فقدت عمته جهة شفيق ابنة الملك الأشرف بن الأفضل.
وفي أيامه: هجم القرشيون قرية المملاح بظاهر زبيد، ونهبت القيسارية، وله مع العرب معارك له وعليه.
ولما أعياه أمر المعازبة .. طلب جملة من مشاهيرهم، وعمل لهم سماطا في بيت الفقيه ابن عجيل، فلما قعدوا عليه يأكلون .. أمر العساكر بضرب رقابهم، فضرب على السماط رءوس أربعين نفرا منهم، ولم ينج منهم إلا اليسير.
وأنشأ بركة عظيمة في جامع زبيد، وعمر جملة من سقوفه، وأصلح متشعثه، وأقام فيه درسة يقرءون القرآن عقيب كل صلاة، ورتب لهم ما يقوم بكفايتهم.
وهو أعرق الناس في الملك، فهو الأشرف بن الظاهر بن الأشرف بن الأفضل بن المجاهد بن المؤيد بن المظفر بن المنصور، ولم يشاركه في ذلك إلا ابن عمه عبد الله المنصور بن الناصر بن الأشرف، ولا يوجد في الملوك من ولي الملك هكذا ثمانية على نسق واحد إلا فيهما.
وتوفي الأشرف يوم الثلاثاء من شهر شوال سنة خمس وأربعين وثمان مائة بدار السرور من تعز، ودفن بالظاهرية عند والده، وولي بعده ابن عمه المظفر يوسف بن المنصور عمر بن الأشرف إسماعيل بن العباس الأفضل بن المجاهد.
٤٢٥٥ - [المفضل أسد الدين](١)
المفضل أسد الدين محمد بن إسماعيل بن عثمان بن الأفضل بن العباس.
لما خالف جماعة من المماليك العبيد على المظفر يوسف بن المنصور عمر بن الأشرف إسماعيل بن الأفضل العباس، ونزلوا من عند المظفر من تعز إلى زبيد .. أقاموا المفضل المذكور سلطانا بتربة الطلحية، ودخل زبيد خامس المحرم أول سنة ست وأربعين، فصرف أموالا كثيرة، وأدخل العرب زبيد، وفرق عليهم جملة من الخيل والأسلحة من الدار حتى قويت شوكتهم، وأخذوا نخل وادي زبيد على أهله، واقتسمته القرشيون والمعازبة،
(١) «بغية المستفيد» (ص ١١٦)، و «اللطائف السنية» (ص ١٦٦).