للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠٤٩ - [المكرم الصليحي] (١)

المكرم أبو علي أحمد بن علي بن محمد الصليحي الهمداني، سلطان اليمن.

كان ملكا ضخما، شجاعا شهما، جوادا هماما، فارسا مقداما، وأمه أسماء بنت شهاب الصليحية.

قتل أبوه في ناحية المهجم كما تقدم في العشرين الثالثة من هذه المائة (٢)، وكان المكرم بصنعاء لم يحضر الوقعة، وأسرت والدته، فأقامت في الأسر سنة، ثم كتبت إلى ابنها المكرم تستنجده، فوصل إلى زبيد في ثلاثة آلاف فارس، وخرج إليه من زبيد سعيد الأحول في عشرين ألف حربة، فقاتلت الحبشة ساعة من نهار، ثم انهزمت هزيمة شنيعة، وطحنتها الخيل، وقتل أكثرهم، ونجا سعيد الأحول على خيل مضمرة قد أعدها بباب النخل من زبيد، فركب عليها فيمن سلم من أهل بيته وخواصه، وسار إلى البحر وقد أعدت له سفن هناك، فركبها من فوره إلى دهلك، ثم دخلت العرب زبيد، فكان أول فارس وقف على طاق أسماء بنت شهاب ابنها المكرم، فسلم، فقالت: من أنت؟ قال: أنا أحمد بن علي، فقالت: إن أحمد بن علي كثير في العرب، فرفع المغفر عن وجهه، فعرفته، فقالت: مرحبا بمولانا المكرم، فأصابه حينئذ ريح ارتعش لها، واختلجت بشرة وجهه، فعاش بقية عمره على هذا الحال، فأقام في زبيد أياما مهد قواعد البلاد، ثم سار بوالدته إلى صنعاء، واستخلف بزبيد وسائر تهامة خاله أسعد بن شهاب الصليحي، ولما رجع المكرم .. فوض الأمر إلى زوجته الحرة واسمها: سيدة بنت أحمد بن محمد بن جعفر بن موسى الصليحي، فانفردت بالأمر في حياة المكرم وبعد وفاته، وهي التي عملت الحيلة في قتل سعيد الأحول.

وكان المكرم جوادا ممدحا، مدحه جماعة من الشعراء، وأجازهم الجوائز السنية، وللأديب الحسن بن علي القم فيه غرر المدائح.

توفي بصنعاء، وقيل: في بيت بوس، وقيل: في حصن أشيح في سنة أربع وثمانين وأربع مائة كما قاله الجندي (٣)، أو في سنة ثمانين، وقيل: إحدى وثمانين كما قاله ابن سمرة (٤)، والله سبحانه أعلم.


(١) «طبقات فقهاء اليمن» (ص ١٢٢)، و «السلوك» (٢/ ٤٨٨)، و «طراز أعلام الزمن» (١/ ١٢٧)، و «تحفة الزمن» (٢/ ٤٥٢)، و «تاريخ ثغر عدن» (٢/ ٧).
(٢) انظر (٣/ ٤٢٦).
(٣) «السلوك» (٢/ ٤٩١).
(٤) «طبقات فقهاء اليمن» (ص ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>