وحده، فلما فرغ .. أتاني بشراب طيب، فصبه في شيء من تلك الأواني الجديدة وسقاني، ثم صب لنفسه في أوانيه وشرب، ثم أتاني بعود وقال: إن أسمعت عبدك شيئا من الغناء الذي يذكر عنك .. كان لك الفضل، فأخذت العود وأسمعته أبياتا، فطرب منها، وكنت متوسلا شيئا من الدراهم، فدفعت إليه صرة في قبيل فعله وجميله، فأبى أن يقبلها وقال:
أنتم ما ترون لأحد مروءة، ولا تريدون لأحد منة، وأقمت عنده أياما في إعزاز وإكرام.
ثم إني خشيت القتل وقلت: هذا حجام لا أصل له، لا آمن أن يدل علي، فخرجت في غيبته، فوجدت امرأة من موالينا ومن لنا عليها إحسان جزيل، فلما رأتني .. بكت وأظهرت من التعب لحالي والرقة لي ما سكن قلبي إليها، ثم أدخلتني دارها، وخرجت وأغلقت علي الباب، فظننت أنها خرجت لقضاء حاجة لها، فلم يكن غير يسير حتى سمعت حس الخيل، وصلصلة اللّجم؛ وإذا بالعسكر قد أحاطوا بجميع جوانب الدار، ودخلت علي هي وصاحب الشرطة، فسلمتني إليه، فتعجب المأمون من ذلك وقال: يصلح الجندي أن يكون حجاما ويزوج بالجارية الغادرة، والحجام أن يكون جنديا ويزوج على زوجة الجندي، هذا معنى الحكاية.
ولما ظفر المأمون بإبراهيم بن المهدي .. حبسه أياما، فلما دخل المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل .. سألها المأمون أن تذكر حاجتها، فسألته الرضا عن إبراهيم بن المهدي، فرضي عنه ونادمه.
وتوفي إبراهيم سنة أربع وعشرين ومائتين.
١٠٩٢ - [سليمان بن حرب الواشحي](١)
سليمان بن حرب الأزدي الواشحي-بشين معجمة وحاء مهملة، وواشح بطن من الأزد- أبو أيوب البصري، قاضي مكة، الحافظ، حضر مجلسه المأمون من وراء الستر.
سمع حماد بن زيد، وشعبة، ووهيبا وغيرهم، وروى عنه البخاري، وحجاج بن الشاعر، وأحمد الدارمي وغيرهم.
ولد في صفر سنة أربعين ومائة، ومات سنة أربع وعشرين ومائتين بالبصرة.
(١) «طبقات ابن سعد» (٩/ ٣٠١)، و «الجرح والتعديل» (٤/ ١٠٨)، و «تاريخ بغداد» (٩/ ٣٤)، و «وفيات الأعيان» (٢/ ٤١٨)، و «سير أعلام النبلاء» (١٠/ ٣٣٠)، و «تاريخ الإسلام» (١٦/ ١٨٨)، و «تذكرة الحفاظ» (١/ ٣٩٣)، و «تهذيب التهذيب» (٢/ ٨٨).