الفضل بن سهل أبو العباس السّرخسي-نسبة إلى سرخس بسين مكررة قبل الراء وبعد الخاء المعجمة الساكنة-وزير المأمون، وهو أخو الحسن بن سهل، وعمّ بوران زوج المأمون، وكانت فيه فضائل، ويلقب بذي الرئاستين، وكان من أخبر الناس بعلوم النجوم، وأكثرهم إصابة.
لما عزم المأمون على إرسال طاهر بن الحسين إلى محاربة أخيه الأمين .. نظر الفضل في مسلّته، فوجد الدليل في وسط السماء، وكان ذا يمينين، وأخبر المأمون أن طاهرا يظفر بالأمين، ويلقب بذي اليمينين، فكان كذلك، فتعجب المأمون من إصابته، ولقب طاهر بذلك، وولع المأمون بالنظر في علم النجوم.
ويروى: أنه اختار لطاهر بن الحسين حين أراد الخروج إلى الأمين وقتا عقد له فيه لواءه، فسلمه إليه وقال له: لقد عقدت لك لواء لا يحلّ خمسا وستين سنة، فكان بين خروج طاهر بن الحسين إلى وجه علي بن عيسى بن ماهان مقدم جيش الأمين إلى أن قبض يعقوب بن الليث بن علي والي خراسان ولد ولد طاهر المذكور .. خمس وستون سنة.
ومما يحكى من إصابته: ما حكم به على نفسه أنه يعيش ثمان وأربعين سنة، ثم يقتل بين ماء ونار، فعاش كذلك، ثم قتل في حمام بسرخس، كما سيأتي.
ويحكى أنه قال يوما لثمامة بن الأشرس: ما أدري ما أصنع في طلاب الحاجات وقد كثروا علي، وأضجروني، فقال له: زل عن موضعك، وعلي ألاّ يلقاك أحد منهم، قال:
صدقت، وانتصب لقضاء أشغالهم.
وكان قد مرض بخراسان حتى أشفى على التلف، فلما عوفي .. جلس للناس، فدخلوا عليه وهنئوه بالسلامة، وتصرفوا في الكلام، فلما فرغوا من كلامهم .. قال: إن في العلل لنعما لا ينبغي للعاقل أن يجهلها: تمحيص الذنوب، والتعريض لثواب الصبر، والاتعاظ من الغفلة، والإذكار بالنعمة في حال الصحة، واستدعاء التوبة، والحض على الصدقة.
(١) «تاريخ بغداد» (١٢/ ٣٣٦)، و «المنتظم» (٦/ ١١٧)، و «وفيات الأعيان» (٤/ ٤١)، و «سير أعلام النبلاء» (١٠/ ٩٩)، و «العبر» (١/ ٣٣٨)، و «الوافي بالوفيات» (٢٤/ ٤٢)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٥)، و «النجوم الزاهرة» (٢/ ١٧٢)، و «شذرات الذهب» (٣/ ١٠).