للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخبر، فأمر لنا بسبعة آلاف دينار، لكل واحد منا ألف دينار، وللمرأة ألف دينار) (١).

توفي الواقدي سنة سبع ومائتين.

١٠٠٨ - [الفراء النحوي] (٢)

يحيى بن زياد الفراء الكوفي-عرف بذلك ولم يكن يعمل الفراء ولا يبيعها؛ لأنه كان يفري الكلام، قاله ابن السمعاني (٣) -الإمام البارع النحوي، أجل أصحاب الكسائي.

كان أبرع الكوفيين في النحو واللغة، وأعلمهم بفنون الأدب على ما ذكره بعضهم، وكان يحافظ على الإعراب في كلامه، وربما تكلم بالملحون.

دخل على الرشيد، فتكلم بكلام لحن فيه مرات، فقال له الرشيد: أتلحن؟ ! فقال:

يا أمير المؤمنين؛ إن طباع أهل البدو الإعراب، وطباع أهل الحضر اللحن، فإذا تحفظت .. لم ألحن، وإذا رجعت إلى الطبع .. لحنت، فاستحسن الرشيد قوله.

حكي عن ثمامة بن الأشرس المعتزلي النميري-وكان خصيصا بالمأمون-أنه صادف الفراء على باب المأمون يريد الدخول عليه، قال: فرأيت أنه أديب، فجلست إليه، ففاتشته عن اللغة فوجدته بحرا، وفي النحو فشاهدته نسيج وحده، وفي الفقه فوجدته فقيها عارفا باختلاف القوم، وبالنجوم ماهرا، وبالطب خبيرا، وبأيام العرب وأشعارها حاذقا، فقلت له: من تكون؟ وما أظنك إلا الفراء، فقال: أنا هو، فدخلت فأعلمت المأمون، فأمر بإحضاره لوقته، وكان ذلك سبب اتصاله به.

وحكى الخطيب: (أن المأمون أمر الفراء أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو، وما سمع من العرب، وأمر أن يفرد في حجرة من حجر الدار، وأن يوصل إليه كل ما يحتاج إليه، فأخذ في جمع ذلك والوراقون يكتبون حتى فرغ من ذلك في سنتين، وسماه: «كتاب الحدود»، وأمر المأمون بكتبه في الخزائن، ثم خرج إلى الناس، وابتدأ بكتاب «المعاني»، قال الراوي: وأردنا عد الذين اجتمعوا لإملاء كتاب «المعاني» فلم نضبط عددهم، فعددنا القضاة، فكانوا ثمانين قاضيا.


(١) «مروج الذهب» (٤/ ٣٣٠).
(٢) «تاريخ بغداد» (١٤/ ١٥٤)، و «الأنساب» (٤/ ٣٥٢)، و «المنتظم» (٦/ ١٧١)، و «معجم الأدباء» (٧/ ٢٣٩)، و «وفيات الأعيان» (٦/ ١٧٦)، و «سير أعلام النبلاء» (١٠/ ١١٨)، و «تاريخ الإسلام» (١٤/ ٢٩٣)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٣٨)، و «بغية الوعاة» (٢/ ٣٣٣)، و «شذرات الذهب» (٣/ ٣٩).
(٣) انظر «الأنساب» (٤/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>