كان إماما عالما، صاحب تصانيف في المغازي والردة وغير ذلك.
سمع ابن أبي ذئب، ومعمر بن راشد، ومالك بن أنس، والثوري وغيرهم.
وروى عنه كاتبه محمد بن سعد الزهري وغيره من الأئمة، وضعفه أهل الحديث.
ولي القضاء بشرقي بغداد، وكان المأمون يكرمه، ويبالغ في رعايته.
كتب مرة إلى المأمون يشكو إضافة لحقته، ودينا ركبه، فوقّع المأمون في الرقعة بخطه: فيك خلتان: سخاء وحياء، فالسخاء أطلق يديك بتبذير ما ملكت، والحياء حملك على أن ذكرت لنا بعض دينك، فقد أمرنا لك بضعف ما سألت؛ فإن كنا قصرنا .. فجنايتك على نفسك، وإن كنا بلغنا بغيتك .. فزد في بسط يدك، فإن خزائن الله مفتوحة، ويده بالخير مبسوطة، وأنت حدثتني حين كنت على قضاء الرشيد أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال للزبير:«يا زبير؛ إن مفاتيح الرزق بإزاء العرش، ينزل الله سبحانه وتعالى للعباد أرزاقهم على قدر نفقاتهم، فمن كثّر .. كثّر له، ومن قلّل .. قلّل عليه»، قال الواقدي:
وكنت أنسيت الحديث، فكان مذاكرته إياي أعجب من صلته!
وذكر أبو الفرج بن الجوزي في «أخبار بشر الحافي»: أن الواقدي روى عنه أنه يكتب للحمى يوم السبت على ورقة زيتون-والكاتب على طهارة-: جهنم غرثى، وعلى ورقة أخرى: جهنم عطشى، وعلى ورقة أخرى: جهنم مضرورة، ثم يجعل في خرقة، ويشد في عضد المحموم الأيسر، قال الواقدي: جربته فوجدته نافعا.
وروى المسعودي في «مروج الذهب»: (أن الواقدي قال: كان لي صديقان، أحدهما هاشمي، وكنا كنفس واحدة، قال: فنالتني ضائقة شديدة، فكتبت إلى صديقي الهاشمي أسأله التوسعة، فوجه إليّ كيسا مختوما، ذكر أن فيه ألف درهم، فما استقر قراري حتى كتب إليّ صديقي الآخر يشكو إلي ما شكوت إلى صديقي الهاشمي، فوجهت إليه الكيس بخاتمه، وخرجت إلى المسجد، فأقمت فيه ليلتي مستحييا من امرأتي، فلما دخلت عليها .. استحسنت فعلي ولم تعنفني عليه، وبينا أنا كذلك .. إذ وافاني صديقي الهاشمي ومعه الكيس كهيئته وقال لي: اصدقني فيما فعلته فيما وجهت به إليك، فعرفته الخبر على وجهه، فقال: إنك وجهت إلي وما أملك على الأرض إلا ما بعثت به إليك، فكتبت إلى صديقنا أسأله المواساة، فوجه إلي كيسي بخاتمي، قال الواقدي: فتواسينا الألف فيما بيننا، وأخرجنا منه للمرأة مائة درهم، قال ونمي الخبر إلى المأمون، فدعاني، فشرحت له