قال بعضهم: رأيته في المنام بعد موته فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: دفع إلي ورقة وفيها سطران بالأحمر: [من السريع]
قد كان أمن لك من قبل ذا ... واليوم أضحى لك أمنان
والصفح لا يحسن عن محسن ... وإنما يحسن عن جان
قال: فانتبهت من النوم وأنا أكررهما.
١٦٧٥ - [الأمير تميم بن المعزّ الفاطمي] (١)
الأمير تميم بن المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي العبيدي الباطني.
كان أبوه صاحب الديار المصرية والمغرب، وهو الذي بنى القاهرة، ولم يل تميم المملكة؛ لأن ولاية العهد كانت لأخيه العزيز، تولاها بعد أبيه.
كان تميم المذكور فاضلا شاعرا ماهرا لطيفا ظريفا، ومن شعره: [من الطويل]
أما والذي لا يملك الأمر غيره ... ومن هو بالسرّ المكتم أعلم
لئن كان كتمان المصائب مؤلما ... فإعلانها عندي أشد وآلم
وبي كلّ ما يبكي العيون أقلّه ... وإن كنت منه دائما أتبسم
ومنه: [من الطويل]
وما أم خشف ظل يوما وليلة ... ببلقعة بيداء ظمآن صاديا
تهيم فلا تدري إلى أين تنتهي ... مولّهة حيرى تجوب الفيافيا
أضرّ بها حرّ الهجير فلم تجد ... لغلّتها من بارد الماء شافيا
فلما دنت من خشفها انعطفت له ... فألفته ملهوف الجوانح طاويا
بأوجع مني يوم شدت حمولهم ... ونادى منادي الحي ألاّ تلاقيا
توفي سنة أربع وسبعين وثلاث مائة، فغسله القاضي أبو محمد بن النعمان، وكفنه في ستين ثوبا، وحضر أخوه العزيز الصلاة عليه، وهو وإن وافق الأمير تميم بن المعز
(١) «وفيات الأعيان» (١/ ٣٠١)، و «تاريخ الإسلام» (٢٦/ ٥٥٣)، و «الوافي بالوفيات» (١٠/ ٤١١)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٤٠٤).