قائلا يقول له: يا بشر؛ طيبت اسمي، لأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة، فلما انتبه من نومه .. تاب وأناب.
واختلف في سبب حفائه:
قيل: إنه كان في داره مع جماعة ندماء له في اللهو واللعب، فدق عليهم الباب داق، فقال للجارية: اذهبي فانظري من بالباب، ففتحت؛ فإذا فقير على الباب، فقال: سيدك حر أم عبد؟ فقالت: بل حر، فقال: صدقت، وذهب وخلاها، فأخبرت سيدها خبره، فخرج يعدو في إثره حافيا وهو يقول: بل عبد، بل عبد، ولم يلحقه، فرجع ولزم الحفاء، فقيل له في ذلك، فقال: الحالة التي صولحت عليها لا أحب أن أغيرها.
ويقال: إنه جاء إلى إسكاف يطلب منه شسعا لإحدى رجليه وكان قد انقطع، فقال له الإسكافي: ما أكثر كلفتكم على الناس! فألقى النعل من يده والأخرى من رجله، وحلف لا يلبس بعدها نعلا.
يحكى: أنه أتى باب المعافى بن عمران فدق الباب، فقيل: من هذا؟ فقال: بشر الحافي، فقالت بنت من داخل الدار: لو اشتريت نعلا بدانقين .. لذهب عنك اسم الحافي.
قيل له: بأي شيء تأكل الخبز؟ قال: أذكر العافية فأجعلها إداما.
ومن دعائه: اللهم؛ إن كنت شهرتني في الدنيا لتفضحني في الآخرة .. فاسلب ذلك عني.
ومن كلامه: عقوبة العالم في الدنيا أن يعمى بصر قلبه.
وقال: من طلب الدنيا .. فليتهيأ للذل.
وتكلم رحمه الله تعالى في الورع وعدم طيب المطاعم، فقيل له: ما نراك تأكل إلا من حيث نأكل؟ ! فقال: ليس من أكل وهو يبكي كمن أكل وهو يضحك.
وفي رواية قال: أكلتموها كبارا، وأكلتها صغارا.
وتوفي رحمه الله سنة سبع وعشرين ومائتين.
وكان له ثلاث أخوات ورعات زاهدات عابدات: مضغة-وهي الكبرى-ومخّة، وزبدة، رحمهم الله.