على اليمن، وأنا أكبر من كعب بن سور-بضم السين-الذي وجهه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قاضيا على أهل البصرة، فجعل جوابه احتجاجا.
وغلب يحيى على المأمون، وأخذ بمجامع قلبه، فقلده القضاء الأكبر، وتدبير مملكته، فكانت الوزراء لا تعمل شيئا إلا بعد مطالعته، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي المأمون وولي المعتصم، فعزله عن القضاء، وجعل مكانه أحمد بن أبي دؤاد.
قال طلحة بن محمد الشاهد: ولا نعلم أحدا غلب على سلطانه في زمانه إلا يحيى بن أكثم، وأحمد بن أبي دؤاد.
وسئل بعض البلغاء عن أنبلهما فقال: كان أحمد يجد مع جاريته وابنه، ويحيى يهزل مع خصمه وعدوه.
وكان يحيى سليما من البدعة، وينتحل مذهب أهل السنة، وله يوم عظيم في الإسلام؛ وذلك أن المأمون أمر بالنداء بتحليل المتعة-يعني متعة النساء-فدخل عليه القاضي يحيى مظهرا الكآبة، فقال له المأمون: ما لي أراك متغيرا؟ فقال: غما يا أمير المؤمنين لما حدث في الإسلام، قال: وما حدث في الإسلام؟ قال: النداء بتحليل الزنا، قال: الزنا؟ قال:
نعم المتعة زنا، قال: ومن أين قلت هذا؟ قال: من كتاب الله، وحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال الله تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ* إِلاّ عَلى أَزْااجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ}.
يا أمير المؤمنين؛ زوجة المتعة ملك اليمين؟ قال: لا، قال: فهي الزوجة التي عند الله ترث وتورث، ويلحق منها الولد، ولها شرائط؟ قال: لا، قال: فقد صار متجاوز هذين من العادين، وهذا الزهري يا أمير المؤمنين روى عن عبد الله والحسن ابني محمد ابن الحنيفة عن أبيهما عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن أنادي بالنهي عن المتعة وتحريمها بعد أن كان قد أمر بها.
فالتفت المأمون إلى محمد بن منصور وأبي العيناء-وكانا حاضرين المجلس-وقال:
أمحفوظ هذا من حديث الزهري؟ فقالا: نعم يا أمير المؤمنين، رواه جماعة منهم مالك بن أنس، فقال: أستغفر الله، نادوا بتحريم المتعة. فنادوا بها.