شادوا بذكرك بعد طول خموله ... واستنقذوك من الحضيض الأوهد
فقال إبراهيم: زادك الله حلما يا أمير المؤمنين وعلما، فما ينطق أحدنا إلا عن فضل علمك، ولا يحلم إلا اتباعا لحلمك.
وأشار دعبل بهذه الأبيات إلى حصار طاهر بن الحسين الخزاعي لبغداد وقتله الأمين محمد بن الرشيد، وبذلك ولي المأمون الخلافة.
وكان المأمون إذا أنشد قوله هذا .. قال: قبح الله دعبلا ما أوقحه! كيف يقول عني هذا وقد ولدت في الخلافة، ورضعت ثديها، وربيت في مهدها؟ !
والأطلس: الذي لا لحية له، والمائق: الذي فيه حمق وغباوة.
ومن شعر دعبل يمدح المطلب بن عبد الله الخزاعي أمير مصر: [من الكامل]
زمني بمطلب سقيت زمانا ... ما أنت إلا روضة وجنانا
كل الندى إلا نداك تكلف ... لم أرض غيرك كائنا من كانا
أصلحتني بالبر بل أفسدتني ... وتركتني أتسخط الإحسانا
ومن غرر شعره: [من الكامل]
لا تعجبي يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى
يا ليت شعري كيف نومكما ... يا صاحبي إذا دمي سفكا
لا تأخذا بظلامتي أحدا ... قلبي وطرفي في دمي اشتركا
وكان دعبل صديق البحتري، فلما مات أبو تمام، ومات بعده دعبل .. رثاهما البحتري بأبيات منها: [من الكامل]
قد زاد في كلفي وأوقد لوعتي ... مثوى حبيب يوم مات ودعبل
أخويّ لا تزل السماء مخيلة ... تغشاكما بسماء مزن مسبل
جدث عن الأهواز يبعد دونه ... مسرى النعي ورمّة بالموصل
قال دعبل: كنا يوما عند فلان ابن فلان الكاتب، وكان شديد البخل، فأطلنا الحديث، واضطره الجوع إلى أن استدعى بغدائه، فأتي بقصعة فيها ديك هرم لا تقطعه إلا سكين، ولا يؤثر فيه ضرس، فأخذ كسرة خبز فخاض بها مرقته، وقلب جميع ما في القصعة، ففقد