رسائل، وشعر رقيق، ومنه: [من مجزوء الكامل]
لما وردنا القادسي ... ة حيث مجتمع الرفاق
وشممت من أرض الحجا ... ز نسيم أنفاس العراق
أيقنت لي ولمن أحبّ ... بجمع شمل واتفاق
وضحكت من فرح اللقا ... ء كما بكيت من الفراق
حكى الحافظ أبو عبد الله الحميدي وغيره من مؤرخي المغاربة: (أن أبا علي الحسن بن الأسكري-بضم الهمزة والكاف، وسكون السين المهملة بينهما، ثم راء مكسورة-قال:
كنت من جلساء الأمير تميم بن أبي تميم، فأرسلني إلى بغداد، فاشتريت له جارية رائقة فائقة الغناء، فلما وصلت إليه .. دعا جلساءه وكنت فيهم، ثم مدت الستارة، وأمرها بالغناء، فغنت: [من الكامل]
وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تألق موهنا لمعانه
الأبيات المعروفة.
فأحسنت الغناء، فطرب الأمير تميم ومن حضر، ثم غنت: [من الطويل]
سيسليك عما فات دولة مفضل ... أوائله محمودة وأواخره
ثنى الله عطفيه وألّف شخصه ... على البر مذ شدت عليه مآزره
فطرب الأمير ومن حضر طربا شديدا، ثم غنت ببيت من قصيدة محمد بن زريق الكاتب البغدادي: [من البسيط]
أستودع الله في بغداد لي قمرا ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه
فاشتد طرب الأمير المذكور جدا ثم قال: تمني ما شئت، فقالت: أتمنى عافية الأمير وسلامته، فقال: لا والله؛ لا بد أن تتمني، قالت: على الوفاء أيها الأمير بما أتمنى؟ قال: نعم، فقالت: أتمنى أن أغني ببغداد، فانتقع لون تميم، وتغير وجهه، وتكدر المجلس وافترقنا.
ثم أرسل إلي، فرجعت إليه فقال: ويحك! أرأيت ما امتحنا به؟ فقلت: نعم أيها الأمير، فقال: لا بد من الوفاء، ولا أثق في هذا بغيرك، فتأهب للسير معها إلى بغداد، فإذا غنت هناك .. فاصرفها، فقلت: سمعا وطاعة.