مدح من الخلفاء المتوكل، مدحه بقصيدة يذكر فيها خروجه لصلاة عيد الفطر، وهي من أحسن قصيده: [من الكامل]
بالبر صمت وأنت أفضل صائم ... وبسنة الله الرضية تفطر
فانعم بيوم الفطر عيدا إنه ... يوم أعز من الزمان مشهر
أظهرت عز الملك فيه بجحفل ... لجب يحاط الدين فيه وينصر
خلنا الجبال تسير فيه وقد غدت ... عدد يسيرها العديد الأكثر
والخيل تصهل والفوارس تدعي ... والبيض تلمع والأسنة تزهر
والأرض خاشعة تميد بثقلها ... والجو معتكر الجوانب أغبر
والشمس طالعة توقّد في الضحى ... طورا ويطفئها العجاج الأكدر
حتى طلعت بضوء وجهك فانجلى ... ذاك الدجى وانجاب ذاك العثير
وافتنّ فيك الناظرون فإصبع ... يومى إليك بها وعين تنظر
يجدون رؤيتك التي فازوا بها ... من أنعم الله التي لا تكفر
ذكروا بطلعتك النبي فهللوا ... لما طلعت من الصفوف وكبروا
حتى انتهيت إلى المصلى لابسا ... نور الهدى يبدو عليك ويظهر
ومشيت مشية خاشع متواضع ... لله لا يزهو ولا يتكبر
فلو أنّ مشتاقا تكلّف غير ما ... في وسعه لمشى إليك المنبر
أيدت من فصل الخطاب بحكمة ... تنبي عن الحق المبين وتخبر
ووقفت في برد النبي مذكرا ... بالله تنذر تارة وتبشر
قال بعض الفضلاء: وهذا الشعر هو السحر الحلال على الحقيقة، والسهل الممتنع، فلله دره ما أسلس قياده، وأعذب ألفاظه، وأحسن سبكه، وألطف مقاصده، جميعه نخب، ليس فيه من الحشو شيء!
وقال ميمون بن هارون: رأيت أبا جعفر أحمد بن يحيى البلاذري المؤرخ، فسألته عن حاله فقال: كنت من جلساء المستعين، فقصده الشعراء فقال: لست أقبل إلا ممن قال مثل قول البحتري في المتوكل: [من الكامل]
فلو أنّ مشتاقا تكلّف غير ما ... في وسعه لمشى إليك المنبر