بفتح الجيم (١)، ويعني به الأبيض، ويطلق الجون على الأسود أيضا، وهو من باب الأضداد.
وكان يقول: لو قيل: ما أحسن شعر تعرفه؟ لقلت: قول العباس بن الأحنف: [من البسيط]
قد سحب الناس أذيال الظنون بنا ... وفرق الناس فينا قولهم فرقا
فكاذب قد رمى بالظن غيركم ... وصادق ليس يدري أنه صدقا
ولما توفي المكتفي في ذي القعدة من سنة خمس وتسعين ومائتين، ولم يعهد إلى أحد، وكان وزيره العباس بن الحسن مستوليا على الأمر .. استشار الناس فيمن يعقد له الخلافة، فأكثرهم أشار عليه بعبد الله بن المعتز؛ لفضله وعلمه ونسبه، إلا أبا الحسن بن الفرات، فأشار عليه بجعفر بن المعتضد الملقب بالمقتدر، فقال له الوزير: إنه صبي! فقال له ابن الفرات: وإن كان؛ فإنه ابن المعتضد، فاتق الله ولا تنصب في هذا الأمر من قد عرف ضيعة هذا، وولد هذا، وبستان هذا، وبلد هذا، ولقي الناس ولقوه، فترجح للوزير رأي ابن الفرات، فعقدها لجعفر المقتدر، ولما كان اختيار ابن الفرات ذلك لغير الله .. كان هلاكه وهلاك ولده وانقراض بنيه على يد من اختار.
ثم إنه كثر كلام الناس في خلافة المقتدر؛ لصغره، فاتفق طائفة على خلعه ونصب ابن المعتز، وخاطبوه بذلك فقال: بشرط ألاّ يكون فيها حرب، فلما كان أول سنة ست وتسعين .. خرج المقتدر إلى الميدان يلعب بالصولجان، وركب لركوبه الأمير فاتك، والوزير العباس بن الحسن، والأمراء، فشد الحسين بن حمدان على الوزير فقتله، فأنكر عليه الأمير فاتك قتله، فألحقه به، ثم سار إلى المقتدر ليثلث به، وسمع المقتدر الهيعة عند قتل الوزير وهو يلعب بالصولجان، فدخل الدار وأغلقت الأبواب، ثم نزل ابن حمدان بدار سليمان بن وهب، وحضر الأمراء والقضاة سوى خواص المقتدر، واستدعي ابن المعتز، فبايعوه، ولقبوه الغالب بالله، وقيل: الراضي، وقيل: المرتضي، فاستوزر محمد بن داود بن الجراح، واستحجب يمن الخادم، ونفذت الكتب الخلافية إلى البلاد، وأرسلوا إلى المقتدر ليتحول من دار الخلافة، ولم يكن معه غير مؤنس الخادم، ومؤنس الخازن، وخاله الأمير في جمع قليل، فنزلوا على حميّة، وقصدوا ابن المعتز، وألقى الله الرعب في قلوب أصحاب ابن المعتز، فخرج إلى سر من رأى ليثبت بها أمره، فلم يتبعه كثير أحد،
(١) يعني في المفرد، أما في البيت .. فهي بضم الجيم؛ لأنها جمع.