ونحو ذلك ما يحكى: أن العسس في بعض الليالي لزموا شخصين وهما سكارى، فرفعوهما إلى الأمير-وأظنه الحجاج-فسألهما عن نسبهما، فقال أحدهما:[من الطويل]
أنا ابن الذي ذلت رقاب الورى له ... ومخزومها منهم وهاشمها معا
وقال الثاني:
أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره ... وإن نزلت تعلو وتملا لتشبعا
فظن الحجاج أنهما من أبناء الرؤساء، فأطلقهما؛ سترا على مروءتهما، ثم بحث عنهما؛ فإذا الأول ابن حجام، والثاني ابن طباخ.
وذكر الشيخ اليافعي في «تاريخه» حكاية حال عن ابن جزار وابن حائك، قال الأول منهما:[من الطويل]
أنا ابن الفتى ذباح كل سمينة ... ومزهق أرواح بماض مصرعا
ومفن لشجعان القرون مخضبا ... بمسفوك أقران لها السفك ضجّعا
وقال لسان حال الثاني:[من الطويل]
أنا ابن الذي يكسو الأنام صنيعه ... بهاء وزينا من له الغير صنعا
بوصل وقطع مبرم في فعاله ... لما لم يصل في الدهر غير ويقطعا (١)
وحكى ابن المزرع عن خاله الجاحظ أنه قال: طلب المعتصم جارية كانت لمحمود بن الحسن الشاعر، المعروف بالوراق، تسمى نشوى، وكان شديد الغرام بها، وبذل له في ثمنها سبعة آلاف دينار، فامتنع محمود من بيعها؛ لأنه كان يهواها أيضا، فلما مات محمود .. بيعت الجارية للمعتصم من تركته بسبع مائة دينار، فقال لها المعتصم: امتنع مولاك من سبعة آلاف، فأخذناك بسبع مائة، فقالت: أجل، إذا كان الخليفة ينتظر لشهواته المواريث .. فإن سبعين دينارا لكثيرة في ثمني فضلا عن سبع مائة، فخجل المعتصم.