وفي سنة سبع وتسعين: أراد سوسن الحاجب الفتك بابن الفرات، وتولية محمد بن عبدون، فظفر بسوسن، وقيل: في سنة تسع وتسعين قبض على ابن الفرات، وولي الوزارة محمد بن عبد الله بن يحيى بن خاقان.
وفي سنة أربع وثلاث مائة: أعيد ابن الفرات إلى الوزارة، وخلع عليه سبع خلع، وسقى الناس من داره في ذلك اليوم والليلة أربعين ألف رطل ثلج، وكان يوما مشهورا، والتزم أن يحمل كل يوم من مال المرافق ألفا وخمس مائة دينار، من جملتها ألف دينار لخاصة المقتدر، وللسيدة ثلاث مائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، ولأبي العباس وهارون ابني المقتدر ستة وستون دينارا وثلاثين، وكان لا يمكنه أن يخلّ بها.
وفي سنة ست وثلاث مائة: قبض على ابن الفرات، واستوزر حامد بن العباس، وكان فيه حدة وطيش، فأحضر ابن الفرات ليناظره، فأمر بنتف لحيته، ثم نهض إليه، فجذب لحيته بيده.
وفي سنة إحدى عشرة وثلاث مائة: صرف حامد بن العباس عن الوزارة، وأعيد ابن الفرات، وكان ابن الفرات قد خاف من مؤنس، فأشار على المقتدر بإبعاده من الحضرة، وأن يوليه الرقة، فبعثه إليها، فلما كان سنة اثنتي عشرة، وفعل أبو سعيد القرمطي بالحاج ما فعل-كما ذكرناه في السنين- .. أشار ابن الفرات على المقتدر بأن يكاتب مؤنسا بالقدوم لمحاربة القرمطي، فقدم مؤنس الخادم، فركب ابن الفرات إلى دار مؤنس للسلام عليه، ولم يتم مثل هذا من وزير، فأسرع مؤنس إلى باب داره، وقبّل يده وخضع له، وكان في حبس المحسن بن الوزير جماعة في المصادرة، فخاف العزل، وأن يظهر عليه ما أخذه منهم، فسم علي بن عيسى (١)، وذبح خادم حامد بن العباس، وعبد الوهاب بن ما شاء الله، ثم قبض المقتدر على ابن الفرات، وسلمه إلى مؤنس، فعاتبه مؤنس، وتذلل هو لمؤنس، فقال له مؤنس: الساعة تخاطبني بالأستاذ، وأمس تبعدني إلى الرقة، واختفى ولده المحسن، ثم ظفر به في زي امرأة قد خضبت يديها بالحناء، فعذب وأخذ خطه بثلاثة آلاف دينار، وولي الوزارة عبد الله بن محمد الخاقاني، فعذّب ابن الفرات وابنه المحسن، واصطفى أموالهم، فيقال: أخذ منهم ألفي ألف دينار.
(١) في «تاريخ الإسلام» (٢٣/ ٣٥٣)، (وسمّ إبراهيم أخا علي بن عيسى ... ) فليتنبه لذلك؛ لأنه سيجري ذكر علي بن عيسى في حوادث سنة (٣١٦ هـ).