للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الحسين بن حمدان منكرا عليه، فعطف الحسين على فاتك، فألحقه بالوزير، ثم ركض الحسين بن حمدان ليثلث بالمقتدر، وكان المقتدر قد سمع الصيحة عند قتل الوزير فبادر إلى الدار، وأغلقت الأبواب دون الحسين، فأحضر الحسين بن حمدان بن المعتز والقواد والجند وأصحاب الدواوين والقضاة غير أبي الحسن بن الفرات؛ فإنه لم يحضرهم، وبايعوا ابن المعتز، ولقبوه المرتضي بالله، ونفذت كتبه إلى الآفاق، وأمر المقتدر بالانصراف إلى دار ابن طاهر، فأجاب وكان مع المقتدر في الدار قليل من الجند، فأصبح ابن حمدان معدا لحربهم وحصارهم، فناوشوه الحرب، ووقع الرعب في قلوب الذين مع ابن المعتز، فانصرفوا من غير كثير حرب، واستتر ابن المعتز، ثم ظهر واستقر الأمر للمقتدر، فاستوزر أبا الحسن علي بن محمد بن الفرات، فدبر الدولة كما يدبرها الخلفاء، واشتغل المقتدر باللهو واللعب.

وفي سنة سبع عشرة: كانت فتنة أبي الهيجاء بن حمدان ونازوك التي أدت إلى خلع المقتدر، ونصب أخيه القاهر، ثم انتقض الأمر وعاد إلى المقتدر الخلافة، وقتل أبا الهيجاء ونازوك كما سيأتي ذلك (١)، وحمل القاهر إلى الحريم القاهري، ثم حصلت الوحشة بين المقتدر وبين مؤنس، فانحدر مؤنس من الموصل إلى بغداد، فأشار الأمراء على المقتدر بالإنفاق على العساكر، فعزم على التوجه إلى واسط في الماء؛ ليستنجد منها ومن البصرة والأهواز على مؤنس، فقال له محمد بن ياقوت: اتق الله، ولا تسلم بغداد بلا حرب، وقال له: لئن خرجت بنفسك .. أحجم رجال مؤنس عن مقاتلتك، فقال له المقتدر: أنت رسول إبليس، فلما أصبحوا .. ركب المقتدر في موكبه وعليه البرد وبيده القضيب، والقراء والمصاحف حوله، فشق بغداد إلى الشماسية، وأقبل جيش مؤنس وغالبهم البربر، وشرع القتال، فوقف المقتدر على تلّ، ثم جاء إليه ابن ياقوت وأبو العلاء بن حمدان فقالا له: تقدم، وهم يستدرجونه حتى صار في وسط المصاف في طائفة قليلة، وانكشف عنه أصحابه، وأسر منهم جماعة، وأبلى ابن ياقوت وهارون بن غريب بلاء حسنا، فعطف جماعة من البربر على المقتدر، فضربه رجل من خلفه ضربة أسقطه إلى الأرض، وقيل: رماه بحربة، وحز رأسه بالسيف، ورفع على رمح، ثم سلب ما عليه، وبقي مهتوك العورة حتى ستر بالحشيش، ثم حفر له حفرة


(١) انظر (٣/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>