للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه بالخلع، وجلس القاهر من الغد، وصار نازوك حاجبه، فجاءت الجند وطلبوا رزق البيعة، ورزق سنة، وعظم الصياح، ثم وثب جماعة على نازوك، فقتلوه وقتلوا خادمه، ثم صاحوا: المقتدر يا منصور، فهرب الوزير والحجاب والقاهر، ووصلوا إلى مؤنس ليرد المقتدر، وسدت المسالك على القاهر وأبي الهيجاء بن حمدان، ثم جاشت نفسه وقال:

يا آل تغلب، فرمي بسهم فيما بين ثدييه، وآخر في نحره، ثم حز رأسه، وأحضروا المقتدر، وألقي بين يديه رأس أبي الهيجاء، ثم أسر القاهر، وأتى به إلى المقتدر فاستدناه وقبل جبينه وقال: أنت لا ذنب لك يا أخي، وهو يقول: الله الله يا أمير المؤمنين في نفسي، فقال: والله لا ينالك مني سوء، فطيف برأسي نازوك وأبي الهيجاء بن حمدان، ثم أتى مؤنس والقضاة، وجددوا البيعة للمقتدر، فبذل في الجند أموالا عظيمة، باع في بعضها ضياعا وأمتعة (١).

وفيها: ماتت القهرمانة التي كانت تجلس للناس بدار العدل.

وفيها: قلد أبو عمر محمد بن يوسف قضاء القضاة.

وفيها: حج بالناس منصور الديلمي، فدخلوا مكة سالمين، فوافاهم يوم التروية عدو الله أبو طاهر القرمطي في تسع مائة نفس، فقتل الحجاج قتلا ذريعا في المسجد وفي فجاج مكة، وقتل أمير مكة ابن محارب، وقلع باب الكعبة-قيل: إن الذين قتلوا في المسجد الحرام ألف وسبع مائة نسمة، وقيل: ثلاثة آلاف، وقيل: إن الذين قتلوا بفجاج مكة وظاهرها ثلاثون ألفا، وسبي من النساء والصبيان نحو ذلك-وأقام بمكة ستة أيام، ولم يحج أحد، وصعد على باب البيت وصاح: [من الرمل]

أنا بالله وبالله أنا ... يخلق الخلق وأفنيهم أنا

وقلع باب الكعبة، واقتلع الحجر الأسود، ونقله إلى هجر، ولم يرد إلا في سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة كما سيأتي (٢)، وسلب كسوة البيت، وطرح الميتة في بئر زمزم، وصعد رجل يأخذ الميزاب، فتردى ومات.

وقال محمود الأصبهاني: دخل القرمطي مكة وهو سكران، فصفر لفرسه، فبال عند البيت، وقتل جماعة، ثم ضرب الحجر الأسود بدبوس، فكسر منه ثم قلعه، وبقي الحجر


(١) «تكملة تاريخ الطبري» للهمذاني (١١/ ٢٥٩)، و «المنتظم» (٨/ ٩٢)، و «الكامل في التاريخ» (٦/ ٧٣٦)، و «تاريخ الإسلام» (٢٣/ ٣٧٥).
(٢) انظر (٣/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>