قال الثعالبي: (كان بصقع الأندلس كالمتنبي بصقع الشام) (١).
ومن أشعاره ما عارض بها قصيدة أبي نواس التي مدح بها الخصيب صاحب ديوان خراج مصر، ومن قصيدة أبي نواس قوله: [من الطويل]
تقول التي من بيتها خف محملي ... عزيز علينا أن نراك تسير
أما دون مصر للغنى متطلّب ... بلى إن أسباب الغنى لكثير
فقلت لها واستعجلتها بوادر ... جرت فجرى من جريهن عبير
ذريني أكثّر حاسديك برحلة ... إلى بلدة فيها الخصيب أمير
فما جازه جود ولا حل دونه ... ولكن يصير الجود حيث يصير
فتى يشتري حسن الثناء بماله ... ويعلم أن الدّائرات تدور
فمن كان أمسى جاهلا بمقالتي ... فإن أمير المؤمنين خبير
وقال في آخرها بعد ذكر المنازل:
زها بالخصيب السيف والرمح في الوغا ... وفي السلم يزهو منبر وسرير
جواد إذا الأيدي قبضن عن النّدى ... ومن دون عورات النساء غيور
فإني جدير إن بلغتك للغنى ... وأنت بما أمّلت منك جدير
فإن تولني منك الجميل فأهله ... وإلا فإني عاذر وشكور
فقال ابن دراج معارضا لها:
دعيني أرد ماء المفاوز آجنا ... إلى حيث ماء المكرمات نمير
فإن خطيرات المهالك ضمّن ... لراكبها أن الجزاء خطير
ولما تدانت للوداع وقد هفا ... بصبري منها أنّة وزفير
تناشدني عهد المودة والهوى ... وفي المهد مبغوم النداء صغير
عييّ بمرجوع الخطاب ولحظه ... بموقع أهواء النفوس خبير
تبوّأ ممنوع القلوب ومهّدت ... له أذرع محفوفة ونحور
فكلّ مفدّاة الترائب مرضع ... وكل محيّاة المحاسن ظير
عصيت شفيع النفس فيه وقادني ... رواح لتدآب السّرى وبكور
(١) «يتيمة الدهر» (٢/ ١١٩).