للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان المعتمد ملكا جليلا، وعالما ذكيا، وشاعرا محسنا، وبطلا شجاعا، وجوادا ممدحا، كان بابه محط الرحال، وكعبة الآمال.

ملك من بلاد الأندلس؛ من المدائن والحصون والمعاقل مائة وثلاثين مسورا، وبقي في المملكة نيفا وعشرين سنة، ثم إن أمير المسلمين ابن تاشفين غلب على ممالكه، وقبض عليه، وسجنه بأغمات حتى مات بعد أربع سنين من زوال ملكه، وخلع عن ثمان مائة سرية ومائة وثلاثة وسبعين ولدا.

قال الشيخ اليافعي: (أما كثرة الأولاد .. فقد نقل أن غيره كان أكثر أولادا منه، وأما السراري .. فما سمعت أحدا من الخلفاء بلغ في كثرتهن إلى هذا العدد المذكور، وكان راتبه في اليوم ثمان مائة رطل لحم.

ومما قيل فيه لما قبض عليه: [من البسيط]

لكل شيء من الأشياء ميقات ... وللمنى من مناياهنّ غايات

وقال آخر بعد لزومه وقتل ولديه: [من البسيط]

تبكي السماء بدمع رائح غاد ... على البهاليل من أبناء عباد

ومما قيل فيه لما حبس: [من الطويل]

تنشق رياحين السلام فإنما ... أفضّ بها مسكا عليك مختّما

أفكر في عصر مضى لك مشرقا ... فيرجع ضوء الصبح عندي مظلما

وأعجب من أفق المجرة إذ رأى ... كسوفك شمسا كيف أطلع أنجما

ومما مدح به قول بعضهم: [من الطويل]

يغيثك في محل ينجيك من ردى ... يروعك في درع يروقك في برد

جمال وإجمال وسبق وصولة ... كشمس الضحى كالمزن كالبرق كالرعد

بمهجته شاد العلا ثم زادها ... بناء بأبناء جحاجحة أسد) (١)


= الإسلام» (٣٣/ ٢٦٤)، و «العبر» (٣/ ٣٢٣)، و «الوافي بالوفيات» (٣/ ١٨٣)، و «مرآة الجنان» (٣/ ١٤٧)، و «شذرات الذهب» (٥/ ٣٨٣).
(١) «مرآة الجنان» (٣/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>