للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأيام؟ قال: طعاما واحدا، قالت: كذلك كل النساء شيء واحد، وأمرت له بمال وكسوة، وأطلقته.

قال الشيخ اليافعي: (وسمعت ما يناسب هذه الحكاية: حكي أن بعض الملوك من ملوك الهند حكى أنه خرج في بعض الليالي متنكرا، فرأى ثلاثة جلوسا، فدنا منهم، فإذا أحدهم تمنى أن يكون ملكا، والآخر يتمنى زوجة الملك أن يتزوجها، والثالث تمنى سيفا وفرسا ولباسا للحرب ليجاهد في سبيل الله، فلما أصبح .. استدعى بهم، فأعطى الذي تمنى الجهاد فرسا جوادا، وسيفا ماضيا، ولباسا حصينا وقال: هذا ما تمنيت، وأجلس الذي تمنى الملك في مكان الملك وفوق رأسه سيف مسلول معلق بشيء واه، فبقي خائفا يلتفت إلى السيف، فقال له: أراك تلتفت؟ فقال: أخاف من هذا السيف، فقال له:

ما تطلب بالملك؟ ! فإن الملك لا يزال خائفا مثلك الآن، وأمر بطعام من جنس واحد ملون بألوان مختلفة، وأمر الذي تمنى زوجته أن يأكل من تلك الألوان ففعل، فقال له: كيف رأيت ألوانه؟ قال: مختلفة، قال: فكيف طعمه؟ قال: واحد، قال: فكذلك النساء) انتهى معنى الحكاية (١).

قال الشيخ اليافعي: (ومثل هذا المثال إنما هو مدافعة وتساهل في التمثيل، وليس المثل كالمثل؛ فإن اللذات بالنساء تتفاوت بحسب تفاوت جمالهن، وتفاوت منصبهن وشرفهن، كما هو معروف لا يمكن جحده، ولذلك قال صلّى الله عليه وسلم: «ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله» (٢)، فمدحه بذلك، وبين فضله بمخالفة هواه مع شدة ميل الطبع، وقوة الشهوة للمتصفة بهذا الوصف) (٣).

توفي يوسف المذكور سنة خمس مائة، وقيل: قبلها، وقيل: سنة ثلاث وتسعين وأربع مائة، ولما حضرته الوفاة .. عهد بالأمر بعده إلى ابنه علي الذي خرج عليه ابن تومرت، وكان في آخر أمره بعث رسولا إلى العراق يطلب عهدا من المستظهر بالله، فبعث له بالخلع والتقليد واللواء، فأقيمت الخطبة العباسية بممالكه، وكان قد ظهر لأبطال الملثمين ضربات بالسيوف تقد الفارس، وطعنات بالرماح تنظم الكلا، فكان لهم بذلك رعب في قلوب


(١) «مرآة الجنان» (٣/ ١٦٤).
(٢) أخرجه «البخاري» (١٤٢٣)، و «مسلم» (١٠٣١)، و «الترمذي» (٢٣٩١)، و «النسائي» (٥٢٨٥).
(٣) «مرآة الجنان» (٣/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>