للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها، فجاءه عينه بسبسة (١) بن عمرو الجهني بخبرها، فخرج صلّى الله عليه وسلم بمن خف معه من المسلمين في ثلاث مائة وثلاث أو أربع عشرة رجلا-عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ولم يجاوز معه إلا مؤمن-المهاجرون منهم ثلاثة وثمانون رجلا، وبقيتهم من الأنصار؛ من الأوس أحد وستون، ومن الخزرج مائة وسبعون-وعدّ منهم من ضرب له رسول الله صلّى الله عليه وسلم سهمه وأجره ولم يحضرها كعثمان بن عفان-ومعهم ثمانون بعيرا يعتقبونها، وفرس واحد للمقداد ابن الأسود، قيل: وفرسان آخران للزبير ومرثد بن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنهم (٢)، واستعمل صلّى الله عليه وسلم على المدينة أبا لبابة، وعلى الصلاة ابن أم مكتوم، ودفع لواءه-وكان أبيض-إلى مصعب بن عمير العبدري، وكان له رايتان سوداوان: إحداهما بيد علي، والأخرى بيد رجل من الأنصار رضي الله عنهم.

ولما قارب أبو سفيان الحجاز .. اشتد خوفه، وجعل يتحسس الأخبار، فلما أخبر بمخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم .. بعث إلى قريش يستنفرهم، فأوعبت قريش في الخروج (٣)، فلم يتخلف من بطونها أحد إلا بنو عدي، ولا من أشرافها إلا أن أبا لهب استأجر مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة.

فلما كان صلّى الله عليه وسلم ببعض الطريق وصحّ له نفير قريش .. استشار أصحابه في طلب العير وحرب النفير، وكانت العير أحب إليهم كما قال الله تعالى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ، } فتكلم أبو بكر، فأعرض عنه، ثم عمر كذلك، ثم المقداد فأحسن القول وقال: لا نقول يا رسول الله كما قال بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، بل إنا معك مقاتلون، وهو في كل ذلك يقول: «أشيروا علي»، وإنما يريد الأنصار؛ لأنهم العدد الكثير، وكان يتخوّف منهم أنهم لا يرون نصرته إلا على من دهمه بالمدينة كما هو في أصل بيعتهم ليلة العقبة، فقام سعد بن عبادة (٤) فقال: إيانا


(١) بسبسة: بموحدتين مفتوحتين بينهما سين مهملة ساكنة ثم أخرى آخره مفتوحة، قال النووي في «شرح مسلم» (١٣/ ٤٤): (هو في جميع النسخ: بسيسة، بباء موحدة مضمومة فسين مهملة مفتوحة فمثناة تحتية ساكنة فسين أخرى كذلك، والمعروف في كتب السير بموحدتين بينهما سين ساكنة) والله أعلم. انظر «سبل الهدى والرشاد» (٤/ ١٣٩).
(٢) واسم أبي مرثد: كنّاز بن حصين.
(٣) أوعبت؛ أي: خرجت بأجمعها إلى العدو.
(٤) كذا في الأصول، وهو موافق لما في «صحيح مسلم» (١٧٧٩)، و «صحيح ابن حبان» (٤٧٢٢)، وغيرهما، وفي «سيرة ابن هشام» (٢/ ٦١٥)، و «طبقات ابن سعد» (٢/ ١٣)، و «عيون الأثر» (١/ ٢٩٨)، و «سبل الهدى-

<<  <  ج: ص:  >  >>