للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستشار الأعيان، فأشاروا بالتجنيد، فرد على مسعود بقوة نفس، وأخذ يتهيأ، فانزعج أهل بغداد، وعلقوا السلاح، ثم إن الراشد قبض على إقبال الخادم، وأخذت حواصله، فتألم العسكر لذلك، وشغّبوا، ووقع النهب، ثم جاء زنكي وسأل في إقبال سؤالا تحته إلزام، فأطلق له، واجتمع عند الراشد جملة من العساكر؛ فإنه ورد إليه زنكي بن آق سنقر من الشام والملك داود بن محمود بعساكر أذربيجان، وورد إليه صاحب قزوين وصاحب أصبهان في جندهما، وصاحب الحلة صدقة بن دبيس، فخرج بهم لحرب السلطان مسعود، فجاء عسكر مسعود، فنازلوا بغداد، وقاتلهم الناس، وخامر جماعة أمراء إلى الراشد، ثم بعد أيام وصل رسول مسعود يطلب من الراشد الصلح، فقرأ كتابه على الأمراء، فأبوا إلا القتال، فأقبل مسعود في خمسة آلاف راكب، ودام الحصار، واضطرب عسكر الخليفة، وجرت أمور يطول شرحها وذكرها، ثم كاتب السلطان مسعود زنكي بن آق سنقر ووعده ومناه، وكتب إلى الأمراء: إنكم إن قتلتم زنكي .. أعطيتكم بلاده، فعلم بذلك زنكي، فرحل هو والراشد عن بغداد، فدخلها مسعود، وأظهر العدل، واجتمع إليه الأعيان والعلماء، وحطوا على الراشد وطعنوا فيه، وقيل: إن مسعودا خوفهم وأرهبهم إن لم يخلعوا الراشد، فكتبوا محضرا بذلك، ووضعوا فيه خطوطهم بما يقتضي خلعه، وحكم ابن الكرخي الجزم بخلعه، وأحضروا محمد بن المستظهر، فبايعوه، ولقبوه: المقتفي لأمر الله، ثم أخذ مسعود جميع ما في دار الخلافة، حتى لم يدع فيها سوى أربعة أفراس (١).

وفيها: كانت وقعة بين الملك داود وبين قراسنقر، كسر فيها داود (٢).

وفيها: توفي الحافظ أبو نصر إبراهيم بن الفضل الأصبهاني، وشيخ دمشق ومحدثها علي بن أحمد الغساني النحوي الزاهد، وأبو سهل محمد بن إبراهيم الأصبهاني المزكي، راوي مسند «الروياني» عن أبي الفضل الرازي.

وفيها: الشيخ الكبير أبو عبد الله محمد بن حمويه الجويني، ومسند أصبهان أبو بكر محمد بن علي الصالحاني، وفقيه الحرم أبو عبد الله محمد بن الفضل الصاعدي الفراوي النيسابوري، والله سبحانه أعلم.


(١) «المنتظم» (١٠/ ٢٨٣)، و «الكامل في التاريخ» (٩/ ٧١)، و «العبر» (٤/ ٧٩)، و «مرآة الجنان» (٣/ ٢٥٧)، و «البداية والنهاية» (١٢/ ٧١٢).
(٢) «الكامل في التاريخ» (٩/ ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>