أبو السعادات على ابن الخشّاب المذكور رده وبيّن وجوه غلطه في كتاب صغير سماه:
«الانتصار» وله مجموع سماه: «الحماسة» يضاهي به «الحماسة» لأبي تمام الطائي، وله في النحو عدة تصانيف، وقرأ الحديث على جماعة من الشيوخ.
وأخذ عنه الحافظ أبو سعد بن السمعاني.
ولما قدم أبو القاسم الزمخشري بغداد قاصدا الحج .. قصد زيارته أبو السعادات الشجري المذكور، فلما اجتمع به .. أنشده قول المتنبي: [من الطويل]
واستكبر الأخبار قبل لقائه ... فلما التقينا صغّر الخبر الخبر
ثم أنشد بعد ذلك: [من البسيط]
كانت مساءلة الركبان تخبرني ... عن جعفر بن فلاح أحسن الخبر
ثم التقينا فلا والله ما سمعت ... أذني بأحسن مما قد رأى بصري
فقال أبو القاسم الزمخشري: روي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه لما قدم عليه زيد الخيل .. قال له: «يا زيد؛ ما وصف لي أحد في الجاهلية فرأيته في الإسلام إلا رأيته دون ما وصف لي غيرك».
قال ابن الأنباري: فخرجنا من عنده، فعجبنا كيف يستشهد الشريف بالشعر، والزمخشري بالحديث، وهو رجل أعجمي.
وكان أبو السعادات نقيب الطالبيين بالكرخ نيابة عن والده، وله شعر حسن، ومنه من قصيدة له: [من الكامل]
هذي السديرة والغدير الطافح ... فاحفظ فؤادك إنني لك ناصح
يا سدرة الوادي الذي إن ضله الس ... اري هداه نشره المتفاوح
هل عائد قبل الممات لمغرم ... عيش تقضى في ظلالك صالح
شط المزار به وبوّئ منزلا ... بصميم قلبك فهو دان نازح
غصن يعطفه النسيم وفوقه ... قمر يحف به ظلام جانح
ولقد مررنا بالعقيق فشاقنا ... فيه مراتع للمها ومسارح
ظلنا به نبكي فكم من مضمر ... وجدا أذاع هواه دمع سافح
توفي سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة.