للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولد سنة أربع وتسعين وأربع مائة.

وأخذ عن زيد بن الحسن الفايشي، وأسعد بن ملامس، ويحيى بن عمر الملحمي، وعبد الرحمن بن عثمان، وأبي بكر الخطيب، والقاضي مبارك وغيرهم.

وكان إماما كبيرا، عالما عاملا، فاضلا حافظا، غلب عليه علم الحديث بحيث لم يكن في وقته أعلم به منه.

وقدم إب سنة خمس وأربعين وخمس مائة، فاجتمع إليه بها خلق كثير، رأسهم الإمام محمد بن أحمد البريهي المعروف بسيف السنة، فأخذوا عنه، وكان هو القارئ، ثم ارتحل إلى عدن، فأخذ عنه بها القاضي أحمد القريظي وغيره من المغاربة وغيرهم.

وممن أخذ عنه الإمام يحيى بن أبي الخير، وولده طاهر بن يحيى، والفقيه مقبل الدثيني.

وكان الإمام يحيى يجله ويثني عليه ويقول: ما رأيت أحفظ منه، ولا أعرف، قيل له:

ولا بالعراق؟ قال: ما سمعت.

وله كرامات شهيرة، منها أنه كان يخرج أيام طلبه من عرشان، فيصل إحاظة وإلى المشيرق يقرأ ثم يعود، فلا يبيت إلا في بيته، وبين بيته وأحد الموضعين يوم للمجد، فلما كثر تردده .. طمع به قوم من العرب، فكانوا يقفون له في الطريق مرارا، ولا يدرون به حتى يجاوزهم مسافة لا يستطيعون إدراكه فيها، فلما تكرر ذلك وعلموا أنه محجوب عنهم ..

غيروا نيتهم، ووقفوا له، فمر بهم يوما وقد وقفوا له، فقاموا إليه، وصافحوه، وتبركوا به، وسألوه الدعاء، وطلبوا منه أن يحل لهم ما كانوا أضمروا له.

قال الجندي: (وهذا يدل على صحة تأويل من قال: معنى قوله صلّى الله عليه وسلم:

«إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى له» (١) أن معناه تحمله وتبلغه حيث ما يأمله ويريده؛ إعانة له على بعد المسافة) (٢).

وله كتاب «الزلازل والأشراط»، وكان مشتغلا بالتدريس، وأقرأ الحديث إلى أن مات، حتى أنه كان يقرأ عليه في مرض موته، فكان قد يغشى عليه، ثم يفيق، فيأمر القارئ بإعادة ما قرأه في حال الغفلة.


(١) أخرجه أبو داود (٣٦٤١)، والترمذي (٢٦٨٢)، والنسائي (١٥٨)، وابن ماجه (٢٢٣).
(٢) «السلوك» (١/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>