محمد بن داود بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب الجيلي الولي المشهور، شيخ الشيوخ.
قيل: إنه منسوب إلى جيل-بكسر الجيم، وسكون المثناة من تحت-وهي بلاد متفرقة وراء طبرستان، ولد الشيخ عبد القادر بها في سنة سبعين أو إحدى وسبعين وأربع مائة، ودخل بغداد سنة ثمان وثمانين وهو ابن ثماني عشرة سنة، وهي التي توفي فيها رزق الله بن عبد الوهاب التميمي.
واشتغل بالقرآن العظيم حتى أتقنه وعمّر بدراسته سره وعلنه.
تفقه بأبي الوفاء علي بن عقيل، وأبي الخطاب محفوظ بن أحمد، وأبي الحسين محمود بن القاضي أبي يعلى، وأبي سعد بن المبارك بن علي المخرمي، وأخذ عنهم مذهبا وخلافا، وفروعا وأصولا.
وسمع الحديث من جمع كثير، منهم: أبو غالب محمد بن الحسن الباقلاني، وأبو سعد محمد بن عبد الكريم، وأبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون وغيرهم.
وقرأ الأدب على أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي، وصحب الشيخ العارف حماد بن مسلم الدباس وتأدب به، وأخذ عنه علم الطريقة، وأخذ الخرقة الشريفة من يد القاضي أبي سعد المخرمي مقدم الذكر.
ولقي جماعة من أكابر المشايخ العارفين بالله، فأخذ عنهم، وتأدب بهم حتى فاق أهل زمانه، وتميز على أقرانه، ووقع له القبول التام، عند الخاص والعام، مع الهيبة والجلالة الوافرة.
وجدد عمارة مدرسة شيخه أبي سعد المخرمي، وزاد فيها زيادة كثيرة، وفرغ من عمارتها في سنة ثمان وعشرين وخمس مائة، وتصدر فيها للتدريس والوعظ والفتوى، وقصد بالزيارة والنذور من أقاصي الدنيا، وانتفع به جمع من العلماء والصلحاء، وانتهت إليه تربية المريدين بالعراق، وقصده الناس من جميع الآفاق.
قال الشيخ عبد الله اليافعي:(وأما كراماته .. فخارجة عن الحصر، وقد ذكرت شيئا منها في «نشر المحاسن»)(١).