يندرس بناحية حضر موت فأحياه الله تعالى بالفقيه سالم، وذلك أنه سافر إلى العراق وغيره في طلب العلم، وغاب أربعين سنة، حتى ظن أهله أنه قد مات، ثم بعد ذلك رأى بعض السادات في المنام وكأن الإمام سالم المذكور وصل إلى بلده ومعه جمال محملات ذهبا، فوصل الإمام ومعه جمال محملات كتب العلم؛ من الحديث والفقه وغيرهما، فأقبل عليه الطلبة من كل مكان، وانتفع به خلق كثير كالإمام علي بن أحمد بن أبي مروان، والإمام عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عبيد زكريا، والإمام محمد بن أحمد بن أبي الحب وغيرهم من الأئمة، حتى قيل: إنه بلغ في تريم في عصره ثلاث مائة مفتي.
وله تصانيف مفيدة في التفسير وغيره، وله أقوال فائقة كالقصيدة الموسومة بالفكرية، وهي التفكر في خلق الله تعالى) (١).
يقال: إنه يشفع كل يوم في خمسين معذبا، وكان بينه وبين الإمام محمد بن علي القلعي مراسلات، فكتب إليه القلعي في بعض مراسلاته: [من الكامل]
أبرود وشي في المواسم تنشر ... فمفوق ومسهم ومحبر
أم عقد در بالشذور مفصل ... زان الليالي نظمه والجوهر
أم روضة أنف تبسّم نورها ... لما بكى فيها السحاب الممطر
أم طرس حبر كاد من أنواره ... يبيض منه الحبر حين يسطر
فالنظم سحر والبلاغة عسجد ... واللفظ روض بالمعاني يثمر
فكأنه نيل الأمان لخائف ... أو كالفقيد به البشير يبشر
أو كالشفاء لمدنف أو كالوصا ... ل به المتيم بعد يأس يظفر
أهداه أوحد عصره من لم يزل ... فوق السماء له يشاد المفخر
جرّت تريم على المجرة ذيلها ... عجبا وحق لها الفخار الأكبر
فالدهر من بعد العطول متوج ... من مجده ومطوق ومسور
نال ابن فضل في الفضائل رتبة ... لم يستطعها منجد أو مغور
علم ابن إدريس وإعراب الخلي ... ل وما حوى بقراط والإسكندر
فبسالم سلمت شريعة أحمد ... عما يؤدّ قناتها أو يكسر
أضحى يدل على الرشاد مبينا ... سبل الهدى وعن الضلال يحذر
(١) «الجوهر الشفاف» (١/ ٦٣).