للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألف، ثم ياء النسبة، ومعناه بالعربي: فرحان-صاحب الديار المصرية والبلاد الشامية والحجازية واليمنية الذي أعز الله به الإسلام، وأذل به أهل الشرك والصليب.

ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة بقلعة تكريت لما كان أبوه واليا عليها من جهة مجاهد الدين متولي شحنة بغداد من قبل السلطان غياث الدين مسعود السلجوقي، ولم يزل في كنف أبيه حتى ترعرع.

فلما أخذ نور الدين محمود زنكي دمشق .. لازم نجم الدين أيوب وولده صلاح الدين المذكور خدمته، وكانت مخائل السعادة لائحة على صلاح الدين، والنجابة تقدمه من حالة إلى حالة، ونور الدين يقدمه ويؤثره لما يعلم من صلاح الدين من فعل الخير والمعروف والاجتهاد في أمور الجهاد، حتى جهزه للمسير مع عمه أسد الدين شيركوه إلى الديار المصرية مرارا كما ذكرناه في ترجمة أسد الدين (١)، واستقر في آخرها أسد الدين في وزارة مصر بعد قتله لشاور، وذلك في سنة أربع وستين.

ثم مات أسد الدين بعد قتله لشاور بشهرين، فاستمر ابن أخيه صلاح الدين في الوزارة، واستقرت له الأمور، وتمهدت له القواعد، وملك قلوب الرجال ببذل الأموال، وشكر نعمة الله، فتاب عن الخمر، وأعرض عن أسباب الهوى، وتقمص بقميص الجد والاجتهاد، وشن الغارات على الفرنج إلى الكرك والشوبك، هذا وهو وزير متابع للقوم، لكنه يقول بمذهب أهل السنة، ويجالس أهل العلم والتصوف، والناس يهرعون إليه من كل جانب، وهو لا يخيب قاصدا.

واستدعى أباه نجم الدين من الشام، فسيره إليه الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي، فدخل مصر في أبهة عظيمة، وتلقاه العاضد بنفسه؛ إكراما لابنه صلاح الدين، ثم طلب من نور الدين أن يرسل إليه أخويه، فلم يجبه إلى ذلك وقال: أخاف أن يخالف عليك أحد منهم فتفسد البلاد.

ثم أمره نور الدين بقطع خطبة العاضد من مصر وإقامة الخطبة العباسية، فأحجم السلطان صلاح الدين من ذلك؛ خوفا من وثوب المصريين عليه، ثم لم يجد بدا من الإجابة إلى


= و «وفيات الأعيان» (٧/ ١٣٩)، و «سير أعلام النبلاء» (٢١/ ٢٧٨)، و «تاريخ الإسلام» (٤١/ ٣٥١)، و «العبر» (٤/ ٢٧٠)، و «مرآة الجنان» (٣/ ٤٣٩)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (٧/ ٣٣٩)، و «البداية والنهاية» (١٣/ ٥)، و «شذرات الذهب» (٦/ ٤٤٨).
(١) انظر (٤/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>