كان فقيها عارفا، مشهورا بالعبادة والصلاح واستجابة الدعاء، يقصد من أنحاء اليمن للتبرك به وطلب الدعاء.
وعنه أخذ الفقيه سفيان الأبيني.
قال الجندي: (وأخبرني شيخي أبو الحسن علي بن أحمد الأصبحي أنه ثبت له بنقل صحيح أن هذا الفقيه كان إذا قام لورده في الليل .. تضيء الغرفة كأن فيها شمعا يوقد، فيأتي الناس ويقفون يدعون حول بيته، يدعون الله، فلا يلبثون أن يجدوا أمارة القبول، وأن بعض الفقهاء زاره وبات عنده، فلما قام الفقيه لورده .. أضاءت الغرفة، فقال الزائر: لعل هذا من الشيطان، وقرأ شيئا من القرآن، فازداد الضوء حتى رأى الزائر نملة تمشي على جدار البيت.
قال: وأخبرني الثقة من أهل العلم والدين أنه ثبت له عن هذا الفقيه: أن رجلا من أصحابه كان مشهورا بالأمانة والديانة، وكان الناس يودعونه أموالهم، فمات فجأة ولم يعرف أين ترك الودائع، فكاد أهل الودائع يمنعون من قبرانه، وخرج ولده وامرأته من البيت، واستخفيا عند بعض المعارف، ثم إن المرأة أرسلت ولدها إلى الفقيه المذكور تخبره بصورة الحال، فقدم الولد إلى الفقيه، وأخبره أنه ابن فلان، وأنه توفي فجأة، وأنه لم يعلم أين وضع ودائع الناس، وأن أصحاب الودائع ملازموننا بها، فاسترجع الفقيه وترحم على والده، ثم التقط حصاة بيضاء من الأرض وقال للصبي: اعرف هذه الحصاة، فإذا عدت ..
فادخل البيت أنت ووالدتك سرا، فحيث تجدان هذه الحصاة من البيت، فاحفر ذلك الموضع، ثم إن الفقيه رمى بالحصاة نحو بيت الرجل، فعاد الولد إلى أمه وأخبرها بما كان من أمر الفقيه، فقالت: يا بني؛ قد عرفت من الفقيه أمور كثيرة أعظم من هذا، فلما كان الليل .. تسللوا ودخلوا البيت سرا ومعهم مصباح ومحفر، فرأت المرأة في البيت حصاة بيضاء كما وصف لها ابنها، فقالت: يا بني؛ هل تعرف الحصاة التي أراكها الفقيه؟ قال:
نعم، فأرته الحصاة، فقال: هي والله هذه، فحفرا الموضع الذي كانت الحصاة فيه، فأخرجا ظرفا فيه ودائع الناس، كل وداعة مكتوب عليها اسم صاحبها، وما كان له لم يكتب عليه شيء، فلما أصبح الصبح .. دعا الصبي من كان في القرية من أهل الوداعة، وسأله عن أمارة ما هو له، فكل من تكلم بأمارة وداعته .. أعطاه، ثم وصل الباقون من البعد وأخذوا أموالهم.