العنسي-بنون ساكنة بين المهملتين، نسبة إلى قبيلة كبيرة من مذحج-الجبائي الملقب كمال الدين.
ولد سنة ثمان وأربعين وخمس مائة.
وتفقه بعلماء عصره، فكان فقيها كبيرا، إماما مشهورا.
شرح «لمع الشيخ أبي إسحاق» في أصول الفقه بكتاب سماه: «الأمثال».
تفقه به جمع كثير، وأثنى عليه غالب العلماء، وامتحن بجعله قاضي القضاة باليمن، وكان من أثبت القضاة وأورعهم، واستناب في جميع النواحي باليمن من هو صالح للقضاء.
قال الجندي والخزرجي:(لم يكن فيمن ولي القضاء أفقه منه مع الورع الشديد، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولم يزل على الحال المرضي مستمرا على القضاء إلى أن توفي سنة أربع وست مائة بذي أشرق رحمه الله تعالى ونفع به) اه (١)
وهو أول من انتشر عنه من الشافعية القول بعقد بيع العهدة، والعمل بمقتضى الوعد فيه، والله أعلم.
وصح بأسانيد متواترة أن بعض التجار باع إلى الملك الذي ولى القاضي مسعود القضاء بضاعة كثيرة بمال جزيل، ثم إن الملك المذكور مطل التاجر بالثمن مرة بعد مرة بحيث قلق من ذلك، فرفع أمره إلى القاضي مسعود، فكتب إحضارا فيه:
{إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا}، ليحضر فلان بن فلان إلى مجلس الشرع الشريف بذي أشرق، ولا يتأخر إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر.
ثم أمر بالإحضار عونا، وأمره ألاّ يسلمه إلا ليد السلطان، فلما وقف عليه السلطان ..
قال: نعم، أؤمن بالله واليوم الآخر، نعم، أؤمن بالله واليوم الآخر، ثم خرج من فوره، فركب دابة من دواب النوبة وسار إلى القاضي، فلما وصل إليه، وقرب من مجلسه بحيث يراه ويسمع كلامه .. قال له رافعا صوته: اتق الله، وساو خصمك، فقام التاجر بإزاء السلطان، وادعى عليه بالمال، فاعترف السلطان بالمال، فقال التاجر: التسليم، أو موجب الشرع، فقيل له: ألا تصبر حتى يصل السلطان إلى داره، فامتنع وقال: لا أفارقه
(١) «السلوك» (١/ ٣٧٦)، و «طراز أعلام الزمن» (٣/ ٣٤٣).