يقال: إنه كان في شبيبته قاطع طريق، فخرج يوما في جماعة من قرابته الصريفيين إلى بعض الطرق لما هم بصدده، فصادفوا امرأة سائرة في الطريق، فأعجبهم حسنها، فسألت بالله ألا يفضحوها ويأخذوا ما معها من ملبوس وغيره، فأبوا، ووقعوا بها جميعا ما خلا الهتار، فإنه ارتدع ولم يوافقهم، وفارقهم من ساعته، وتاب إلى الله تعالى، وسار إلى قرية التربية فتديرها، واشتغل بالعبادة والاجتهاد وسلوك الطريق حتى كان منه ما كان، فيقال:
إنه مجذوب.
وقيل: إنه اجتمع ببعض رجال الغيب، فحكّمه وعلّمه سلوك الطريق.
وكان كبير القدر، مشهور الذكر، موفقا محفوظا، وكان يجتمع بالنساء ويحادثهن فلا يجد لذلك تغيّرا، وكان يجتمع في سماعه الرجال والنساء فلا يجد أحد تغيّرا، وله ولأصحابه في ذلك أخبار يطول شرحها.
ولما قرب وفاته .. ألزم أولاده وأصحابه ألا يسلكوا في طريقته في خلطة النساء، وقال:
إنكم لا تطيقون ذلك.
وقال عند وفاته لابنه أبي بكر-وكان خليفته-: يا أبا بكر؛ يأتيك من هذا النهج-وأشار إلى ناحية القور الكبير-رجل ممتحن بمرض، فإذا أتاك .. حكّمه، وأبلغه عني السلام، واسأله الدعاء، فبعد وفاة الشيخ بأيام يسيرة قدم عليهم الشيخ مسعود من موالي عرب يسكنون على قرب من القور في حدود رمع امتحن بالجذام، فطرده مواليه، فخرج مطرودا حتى قدم التربية، فلما رآه الشيخ أبو بكر .. عرفه ورحّب به وأخذ عليه اليد، وأمره بالعود إلى مواليه، وأذن له في التحكيم، فرجع إلى بلده وقعد في القور في موضع رباطه الآن، وكان عقدة سلم، فكان يستظلّ بالشجرة حتى فطن له، وبني له موضع يستظل به، وظهرت له كرامات.
ومن كرامات الشيخ عيسى الهتار أنه كان بزبيد وعنده بعض أصحابه من أهل الجند يسمى: علي الفتى، فالتفت إليه الشيخ وقال: يا علي؛ يولد لك في هذه الليلة ولد.
قال: فلما عدت إلى الجند .. وجدت ابني حسينا قد ولد في تلك الليلة.
وبالجملة: فكراماته كثيرة، ومناقبه شهيرة، رحمه الله ونفع به.