وله ألفاظ حكيمة، وكلمات أدبية تجري مجرى الأمثال السائرة، منها قوله: كتمان السر رأس مال الملوك. الإلحاح في مطالبة المفلس يؤدي إلى الإنكار. الإفراط في المزح يؤدي إلى العداوة، ونحو ذلك من الألفاظ الرشيقة.
وكان شاعرا فصيحا، ومن شعره قوله:[من الكامل]
كم بين قول فتى أبي عن جده ... وأبي أبي فهو النبي الهادي
وفتى يقول حكى لنا أشياخنا ... ما ذلك الإسناد من إسنادي
ومنه كما كتبه جوابا إلى السلطان الظاهر غازي بن الملك الناصر يوسف بن أيوب صاحب حلب، وقد كتب إليه يدعوه إلى دخول العراق، ويبذل نفسه للقيام بخدمته، فأجابه، وضمّن الجواب شعرا أوله:[من المتقارب]
أتهجر معتمدا دارها ... وتولي الملامة من زارها
وفيها يقول:
إلى حلب حيث صيد الملو ... ك تحثو وتكرم زوارها
سلالة من شاد دين الإل ... هـ وطهر بالسيف أوزارها
فمات وأبقى لنا بعده ... شموس المعالي وأقمارها
وكانت دعوته في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة، وتابعه السيدان الأميران شيخا آل رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يحيى ومحمد ابني أحمد بن يحيى الهادي وكافة علماء الزيدية، واتصلت دعوته بالحجاز، فقام بها الشريف قتادة بن إدريس صاحب مكة أتم قيام، وأنفذ دعوته إلى الجيل والديلم والري، فتابعه الزيدية، وارتفع صيته، وخافه العباسيون ببغداد، وكتب دعوته إلى خوارزم شاه صاحب خراسان، فتلقاها بأحسن التلقي، وأعطى الشريف القادم بها مالا جزيلا.
وهو الذي عمر حصن ظفار، وحصنه وشيده، وعمر مدارس العلم، وجمع في خزانته من الكتب ما ليس يلفى في سائر الخزائن، وأوقع بالمطرفية، فرقة من الزيدية ينتسبون إلى مطرف بن شهاب، ولهم اعتقادات فاسدة، منها قولهم: التأثير في العالم للطبائع الأربع، وأن الخلقة الشوهاء وحشرات الأرض وغير ذلك ليس من الله ولا باختياره، وكان قد فشا