وتوفي الفقيه بقرية عواجة في شهور سنة إحدى وعشرين وست مائة، ورثاه الأديب ابن حمير بعدة قصائد، منها قوله: [من الكامل]
لله آية سؤدد وجلال ... حملوه من فوق السرير العالي
ماذا تداولت الرقاب عشية ... من بدر أندية وبحر نوال
كنت الجمال لكل دهر عاطل ... فاليوم عطل كل دهر خالي
من للعظائم إن فقدت يزيلها ... عن حالها ويفك كل عقال
من صاحب الوجه الوسيم وصاحب ال ... جاه الجسيم وكعبة النزال
يا بن الحسين لكم أجبت قبيلها ... صوتي وكم أصغيت عند مقالي
كانت بك الأوقات وهي منيرة ... فاليوم أيام الغوير ليالي
فقدت سهام سهولها وجبالها ... بك ذروتي جبل من الأجبال
كان اللهيف إلى ظلالك يلتجي ... فاليوم قد أضحى بغير ظلال
قد كنت برا للجميع ووالدا ... للشيب والشبان والأطفال
فاليوم ضاع السرب بعد رعاية ... سلفت وبتّ الحبل بعد وصال
لا الأثل من شطي سهام بمعشب ... والماء حتى الماء غير زلال
والأرض غير الأرض والدنيا سوى ... ما كنت أعهد في الزمان الخالي
كنت الهلال لغورها ولنجدها ... فاليوم مغربها بغير هلال
طود تصدع من بجيلة بعد ما ... قد شاد أي معالم ومعالي
إن يحملوك إلى الضريح لطالما ... قد كنت عنهم حامل الأثقال
أو يدفنوك فلا هوان إنما ... للترب مسرى العارض الهطال
أصل تركّب منه آدم وانثنى ... فيه عقيب الشد والتّرحال
بعد الثريا صرت في حفر الثرى ... والدهر يرخص كل شيء غالي
لو كان مثلك ما بكينا إنما ... يبكى على الماضي بغير مثال
والعيش آخره الفناء وإنما ... نأسى لأهل الفضل والإفضال
ونريد من ريب الزمان سلامة ... أسلامة ترجى بغير زوال
هي عادة الأيام إن هي ألبست ... سلبت فضالة ذلك السربال
والعمر نوم والمنيّة يقظة ... والمرء بينهما طروق خيال
بالله يا قبر الفقيه محمد ... هل أنت عن علم تردّ سؤالي