للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم عن ذلك فجحده، فأخبره صلّى الله عليه وسلم أنه رأى كنانة يظهر كل يوم بخربة، فحفرت الخربة، فوجد فيها بعض الكنز، وأبى أن يخبر بالباقي، فدفعه صلّى الله عليه وسلم إلى الزبير ليعذبه حتى يبين ذلك، فعذبه الزبير وأصر على عدم علمه بذلك، فدفعه صلّى الله عليه وسلم إلى محمد بن مسلمة ليقتله بأخيه محمود (١).

وفي قفولهم هذا: سار صلّى الله عليه وسلم ليلة حتى إذا أدركه الكرى .. عرّس (٢)، وقال لبلال: «اكلأ لنا الفجر»، ونام رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه، وصلّى بلال ما كتب الله من الليل، فلما تقارب الفجر .. استند بلال إلى راحلته مواجهة الفجر، فغلبته عيناه وهو مستند إلى راحلته، فلم يستيقظ بلال ولا غيره حتى ضربتهم الشمس، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أولهم استيقاظا، ففزع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «أي بلال»؛ فقال بلال: أخذ بنفسي الذي أخذ-بأبي أنت وأمي يا رسول الله- بنفسك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «هذا منزل حضرنا فيه الشيطان، سيروا» فساروا حتى الوادي، ثم توضأ صلّى الله عليه وسلم وصلّى ركعتين، ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة، ثم قال: «من نسي الصلاة .. فليصلّها إذا ذكرها؛ فإن الله تعالى قال:

{وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} (٣).

وفي هذه الغزوة: أسلم أبو هريرة، واسمه: عبد الرحمن بن صخر على الأصح من نحو ثلاثين قولا كما قاله النووي (٤)، كني بهرّة كان يربّيها، وأسلمت أمه.

وكان صلّى الله عليه وسلم قبل خروجه إلى خيبر بعث أبان بن سعيد بن العاصي، وهو الذي أجار عثمان يوم الحديبية حين أرسله النبي صلّى الله عليه وسلم إلى مكة، ثم أسلم أبان بعد ذلك، فبعثه النبي صلّى الله عليه وسلم من المدينة في سريّة قبل نجد، قال أبو هريرة:

فقدم أبان وأصحابه على النبي صلّى الله عليه وسلم بخيبر بعد ما افتتحها، وإنّ حزم خيلهم لليف (٥).


(١) أخرجه ابن حبان (٥١٩٩)، والبيهقي (٩/ ١٣٧) بنحوه، وانظر «سيرة ابن هشام» (٣/ ٣٣٦)، و «تاريخ الطبري» (٣/ ١٤).
(٢) الكرى: النعاس، وعرّس القوم: نزلوا في آخر الليل للاستراحة.
(٣) أخرجه مسلم (٦٨٠)، وأبو داود (٤٣٦)، والترمذي (٣١٦٣)، وابن ماجه (٦٩٧) وغيرهم.
(٤) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (٢/ ٢٧٠).
(٥) أخرجه البخاري (٤٢٣٨)، وأبو داود (٢٧١٧) وغيرهما. وانظر كلام الحافظ في «الفتح» (٧/ ٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>