للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه غزوتهم في أرض بني عذرة (١)، ولأن المشركين ارتبط بعضهم بعضا؛ لئلا يفروا (٢)، وكان أمير السرية عمرو بن العاصي، بعثه صلّى الله عليه وسلم يستنفر العرب إلى الإسلام، فلما كان بأرض بني عذرة .. خاف وأرسل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يستمده، فأمدّه بأبي عبيدة ابن الجراح في المهاجرين الأول فيهم أبو بكر وعمر، فكان عمرو بن العاصي يصلي بهم حتى انصرفوا (٣).

وفي ذي القعدة من هذه السنة: اعتمر صلّى الله عليه وسلم عمرة القضاء، فلما سمع به المشركون مقبلا .. خرجوا من مكة، فدخلها صلّى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة آخذ بخطام ناقته يقول: [من الرجز]

خلّوا بني الكفّار عن سبيله ... خلّوا فكلّ الخير في رسوله (٤)

يا ربّ إنّي مؤمن بقيله ... أعرف حقّ الله في قبوله

فأقام صلّى الله عليه وسلم بمكة ثلاثا، فأرسل إليه المشركون عليا رضي الله عنه يقول له: إنه قد مضى الأجل فاخرج عنا، فخرج صلّى الله عليه وسلم (٥)، فتبعتهم أمامة ابنة حمزة، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر، فقال علي: أتأخذها وهي ابنة عمي؟ وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي، وقال زيد: بنت أخي، فقضى بها صلّى الله عليه وسلم لخالتها وقال: «الخالة بمنزلة الأم»، وقال لعلي: «أنت مني وأنا منك»، وقال لجعفر:

«أشبهت خلقي وخلقي»، وقال لزيد: «أنت أخونا ومولانا» (٦).


= قال الصالحي: (وأما ما نقل عن ابن إسحاق .. فالذي في رواية زياد البكائي تهذيب ابن هشام عن ابن إسحاق تأخّر غزوة ذات السلاسل عن مؤتة بعدة غزوات وسرايا، ولم يذكر أنها كانت قبل مؤتة، فيحتمل أنه نصّ على ما ذكره ابن عساكر في رواية غير زياد).
(١) على عشرة أيام من المدينة، وراء وادي القرى، انظر «طبقات ابن سعد» (٢/ ١٢١).
(٢) وقيل: سمي المكان بذلك؛ لأنه كان به رمل بعضه على بعض كالسلسلة، والمشهور بضبط اسمها أنها بفتح السين الأولى، وضبطها ابن الأثير في «النهاية» (٢/ ٣٨٩) بالضم، وقال: هو بمعنى السلسال؛ أي: السهل، وانظر «الفتح» (٧/ ٢٦).
(٣) وفي هذا دليل على جواز تأمير المفضول على الفاضل لميزة في المفضول تتعلق بتلك الإمارة، فتأمير عمرو على جيش فيهم أبو بكر وعمر لا يقتضي أفضليته عليهما، لكن يقتضي أن له فضلا في الجملة، وانظر «الفتح» (٨/ ٧٤)، و «سبل الهدى والرشاد» (٦/ ٢٧٠).
(٤) أخرجه الترمذي (٢٨٤٧)، والنسائي (٢٠٢/ ٥ و ٢١٢)، والبيهقي (١٠/ ٢٢٨).
(٥) أخرجه البخاري (٣١٨٤)، وأحمد (٢/ ١٢٤) و (٤/ ٢٩٨) وغيرهما.
(٦) أخرجه البخاري (٤٢٥١)، والبيهقي (٨/ ٥)، وأحمد (٩٨/ ١ و ١٠٨ و ١١٥) وغيرهم، وقد اختلف في ابنة حمزة رضي الله عنها: فقيل: عمارة، وقيل فاطمة، وقيل: أمامة، وقيل: أمة الله، وقيل: سلمى، والأول هو المشهور، -

<<  <  ج: ص:  >  >>