للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما وراء النهر، ثم دخل الهند، وكتب إلى أخيه من الهند إلى دمشق بهذين البيتين، والثاني منهما لأبي العلاء المعري، استعمله مضمنا: [من الكامل]

سامحت كتبك في القطيعة عالما ... أن الصحيفة لم تجد من حامل

وعذرت طيفك في الجفاء لأنه ... يسري ويصبح دوننا بمراحل) (١)

ودخل اليمن في أيام توران شاه بعد أن نهب في طريق الحجاز، فوجده متجهزا إلى الشام، فحرضه على حرب الأشراف الذين نهبوه بقصيدة طويلة ذمهم فيها، فيقال: إنه رأى فاطمة رضي الله عنها وهي غضبانة عليه لهجوه أولادها فندم، ونظم قصيدة معظمة في مدح أهل البيت.

ودخل اليمن أيضا في أيام العزيز الأيوبي ومدحه، فأعطاه وأجزل صلته، فعزم إلى مصر، فطالبه الديوان بزكاة ما معه على رسم أهل مصر، وواليها يومئذ العزيز بن صلاح الدين الأيوبي، فكتب إلى العزيز بهذين البيتين: [من البسيط]

ما كلّ من يتسمّى بالعزيز لها ... أهل ولا كلّ برق سحبه غدقه

بين العزيزين بون في فعالهما ... هذاك يعطي وهذا يأخذ الصدقه

فأعفاه العزيز عن ذلك.

ولما ملك العادل دمشق بعد موت أخيه صلاح الدين .. سار ابن عنين متوجها إليها، وكتب إلى العادل قصيدة يصف فيها دمشق، ويستأذنه في الدخول، ويذكر ما قاساه من الغربة، ولقد أحسن فيها كل الإحسان، واستعطفه أبلغ استعطاف، أولها: [من الكامل]

ماذا على طيف الأحبة لو سرى ... وعليهم لو ساعدوني بالكرى (٢)

وقال مشيرا إلى نفيه:

فارقتها لا عن رضا وهجرتها ... لا عن قلى ورحلت لا متخيّرا

أسعى لرزق في البلاد مشتّت ... ومن العجائب أن يكون مقتّرا

وأصون وجه مدائحي متقنّعا ... وأكفّ ذيل مطامعي متستّرا


(١) «وفيات الأعيان» (٥/ ١٤)، وانظر بيت أبي العلاء في «سقط الزند» (ص ١٢٧).
(٢) في «معجم الأدباء» (٧/ ٦١): (سامحوني).

<<  <  ج: ص:  >  >>