دخل اليمن صغيرا مع أبيه في سنة تسع وسبعين وخمس مائة صحبة سيف الإسلام طغتكين.
ولما وصل المسعود يوسف بن الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب من مصر إلى زبيد وقد تغلب على اليمن سليمان بن تقي الدين .. تحير وأراد أن يكتب إلى سليمان بأن يكون على الجبال، ويبقى هو على التهائم، فقوّى الأمير بدر الدين المذكور عزم المسعود، وحثه على الطلوع إلى تعز، وأمره أن يكتب إلى الخدام يتهددهم إن لم يلزموا سليمان، ففعل المسعود ذلك، وسار إلى تعز، وأسر سليمان بن تقي الدين، واستولى المسعود على قطر اليمن، فحظي الأمير بدر الدين، وعظم قدره عنده، ولما رجع المسعود إلى الديار المصرية في سنة عشرين وست مائة .. ترك اليمن في يد الأمير بدر الدين المذكور وأخيه نور الدين عمر بن علي، وحلف العساكر لهما، فجمع الشريف عزّ الدين محمد بن الإمام عبد الله بن حمزة جموعا كثيرة، وقصد بها صنعاء، فتوجه إليه الأمير بدر الدين وأخوه نور الدين، والتقوا بعصر، وحصلت بينهم مقتلة عظيمة، وانهزم الشريف وأصحابه، ورجع الأميران بمن معهم إلى صنعاء، وفي ذلك يقول العماد الشيزري وكان كاتب الملك المسعود:[من الطويل]
ألا هكذا للملك تعلو المراتب ... وتسمو على رغم العداة المناقب
فتوح سرت في الأرض حتى تضوعت ... مشارقها من ذكرها والمغارب
بسيف الجواد ابن الرسول توطدت ... قواعد ملك ربه عنه غائب
فولوا ومن طعن القنا في ظهورهم ... عيون ومن ضرب السيوف حواجب
فلما اتصل علم هذه الوقعة إلى الديار المصرية .. خشي المسعود على اليمن من بني رسول، فانقلب سريعا إلى اليمن، فدخل تعز في صفر سنة أربع وعشرين وست مائة، وقبض على بدر الدين وفخر الدين وشرف الدين أولاد علي بن رسول، وقيدهم في رجب من السنة المذكورة، ويقال: إن ذلك بإشارة من أخيهم نور الدين عمر بن علي بن رسول، وأرسل بهم إلى مصر، فأقام بدر الدين هناك معتقلا إلى أن ولي المظفر يوسف بن عمر، فاجتمع رأي أهل مصر على أن يطلقوه من السجن، ويستنيبوه في اليمن، ويكون تحت طاعتهم، فحلف لهم على ذلك وقال: لو وطئت اليمن .. ما تخلف عني منهم أحد، فأرسلوه، فلما وصل علمه إلى المظفر .. أمر كافة النواب بإكرامه، وأنه الكبير، وأن كل من في البلاد تحت طاعته، فنزل من السواحل الشامية، وتلقته العساكر، وساروا في