الأرض، وكان يقرأ في اليوم اثني عشر درسا على المشايخ شرحا وتصحيحا في «المهذب» و «الوسيط» و «الجمع بين الصحيحين» و «صحيح مسلم» وأسماء الرجال، وفي «اللمع» لأبي إسحاق في أصول الفقه، و «اللمع» لابن جني في النحو، و «إصلاح المنطق» لابن السكيت، وفي التصريف، و «المنتخب» في أصول الفقه، وكتاب آخر في الأصول لم يسموه، وكان له في «الوسيط» درسان.
حكي عنه أنه قال: عزمت مرة على الاشتغال بالطب، فاشتريت «القانون»، فأظلم عليّ قلبي، وبقيت أياما لا أشتغل بشيء، ففكرت، فإذا هو من «القانون»، فبعته في الحال.
قالوا: وكان لا يدخل الحمام، ولا يأكل من فواكه دمشق، ولا يأكل في اليوم والليلة سوى أكلة بعد العشاء، ولا يشرب سوى شربة بعد السحر، وكان كثير السهر في العبادة والتلاوة والتصنيف، صابرا على خشونة العيش والورع الذي لم يبلغنا عن أحد في زمانه ولا قبله، وكان نزوله في المدرسة الرواحية.
قال الشيخ اليافعي:(وسمعت من غير واحد أنه إنما اختار النزول بها على غيرها لحلها؛ إذ هي من بناء بعض التجار) اه (١)
وذكر والده أنه لما حج معه سنة إحدى وخمسين .. حمّ من حين خروجه من البلد إلى يوم عرفة، فما تأوه ولا تضجر.
ولزم الاشتغال ليلا ونهارا حتى فاق الأقران، ثم أخذ في التصنيف من حدود الستين وست مائة إلى أن مات.
فمن مصنفاته المشهورة:«الروضة» و «المنهاج» و «المناسك» و «تهذيب الأسماء واللغات» و «شرح مسلم» و «شرح المهذب» وكتاب «التبيان في آداب حملة القرآن» وكتاب «الإرشاد» وكتاب «التقريب والتيسير» وكتاب «الرياض» وكتاب «الأذكار» وكتاب «الأربعين» وكتاب «طبقات الفقهاء الشافعية» اختصره من كتاب ابن الصلاح، وزاد عليه أسماء نبه عليها، وغير ذلك مما اشتهر في سائر الجهات، وظهر به النفع والبركات.
وسمع الكثير من القاضي الرضي ابن البرهان، والشيخ عبد العزيز الحموي، وجماعة،