للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان أميرا كبيرا، فارسا شجاعا مقداما، مشهورا، عالي الهمة، صحب المظفر ولاذ به، ودخل في طاعته، وذلك في سنة ست وسبعين (١) وست مائة، ولم يزل على ذلك إلى أن استمر المؤيد مقطعا في صنعاء، وذلك في سنة سبع وثمانين، فحصلت الوحشة بينه وبين الشريف، فأخرج الشريف حريمه من صنعاء ليلا، وامتنع من الوصول إلى المؤيد، وكتب الشريف إلى المظفر وقال: تعلم يا مولانا أن ولدك ملك شاب قادر، وأقل العبيد يخشى منه بادرة، فأكثر ما تقول: أخطأ داود. ثم تأكدت الوحشة، وتظاهر الشريف بالخلاف ومراسلة الإمام مطهر بن يحيى وموافقة الأشراف على حرب المظفر، وذلك في سنة اثنتين وتسعين بعد أن استخلف ولده الأشرف، ولما مات المظفر .. تنازع الأشرف والمؤيد، فكتب الأشرف إلى الشريف يستدعيه لحرب المؤيد، فوصل بعسكر جرار، فكانت وقعة الدعيس المشهورة، لزم فيها المؤيد وولداه الظافر والمظفر، فأنعم الأشرف على الشريف، وأعطاه مالا جزيلا، وكتب له بإقطاع العظيمة والميقاع، وذلك في سنة خمس وتسعين، فلما توفي الأشرف، وولي المؤيد مكانه في سنة ست وتسعين .. لم يكن له همة إلا بلاد الشريف، فطلع البلاد العليا، وحط على الميقاع في آخر سنة سبع وتسعين، ثم ارتفع عنه، ثم عاد إليه في صفر من سنة ثمان وتسعين، فحاصره وضيق عليه تضييقا شديدا، فلما ضاق الشريف .. كتب إلى المؤيد في الصلح وطلب الذمة، ثم وصل إلى المؤيد، وتلقاه المؤيد لقاء حسنا، وأكرمه إكراما تاما، وأذم على يده لسائر الأشراف، ورجع المؤيد إلى صنعاء، ثم إلى تعز، ثم إلى زبيد، ثم رجع إلى تعز والشريف في جميع ذلك صحبته، فعيد الشريف بتعز عيد الفطر، ثم استودع السلطان وهما على السماط، وتوجه إلى بلاده في شوال من السنة المذكورة.

قال ولده الشريف إدريس: تذاكرنا يوما عند والدي إنصاف المؤيد وما أعطاه من الأموال في ثمانية أشهر من يوم خروجه من الميقاع سلخ صفر إلى أن فارقه مستهل شوال، فحسبناه جملا لا تدقيقا، فكان أكثر من سبعين ألف دينار خارجا عن الكسوات والخيول والعروض والآلات.

وكان الشريف جمال الدين فصيحا، وله شعر جيد في مدح المظفر وغيره.


(١) في «السلوك» (٢/ ٨٧) و «العقود اللؤلؤية» (١/ ٣٢٤) و «هجر العلم» (٤/ ١٩٢٢): (الحسن).

<<  <  ج: ص:  >  >>