للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانتهابا، وهؤلاء صلحا وتسكينا، وكتبوا إلى عمر في إمضاء صلح أبي عبيدة أو يجعل فتح دمشق عنوة كما صدر من خالد، فأشار بجعل فتحها صلحا، وكان صلح أبي عبيدة على أن يحملوا من الأموال والمتاع ما استقلت به إبلهم، وألاّ يتبعهم أحد إلى الفضاء ثلاثة أيام، ثم إنهم لم يفوتوا خالدا رضي الله عنه؛ فإنهم لما حملوا ما أمكنهم حمله [ونظر خالد إلى كثرة أحمالهم .. رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم؛ اجعله لنا، وملّكنا إياه، واجعل هذه الأمتعة قوتا للمسلمين، آمين، وأضمر المسير بعد ثلاثة أيام في طلبهم]، فلما كان بعد ثلاث .. اتفق خالد مع واحد من الروم كان أسلم أن يتبعوهم في سرية من المسلمين ويدلهم على طريقهم، فتبعوهم ومشى معهم الدليل، وجدّ المسلمون في السير بعدهم، فوجدوهم قد صعدوا جبلا عاليا وهبطوا منه في واد من أوديتهم وقد أمنوا أن يلحقهم أحد إلى ذلك الوادي، وكان قد أصابهم مطر وتعب، فجففوا ما معهم من الثياب، فاكتسى الوادي، وسمي الوادي لذلك مرج الديباج، ورقدوا من تعب السير، فلم يستيقظوا إلا وقد وضع خالد وأصحابه فيهم السيف، وكان مع أميرهم بنت ملكهم، فقتله خالد، وسبيت بنت الملك، وقتلوا منهم خلائق، وهرب بعضهم، ونهبوا أموالهم، ورجع المسلمون سالمين غانمين، وأرسل ملك الروم بمال عظيم في فداء ابنته، فراجع أبو عبيدة عمر في ذلك، فقال: ردوها وردوا المال فتكون لنا المنة عليهم، ولا تريهم أن لنا في الدنيا رغبة، ولا عندنا منهم رهبة (١).

وفيها: كانت وقعة جسر أبي عبيد، واستشهد يومئذ أبو عبيد بن مسعود الثقفي والد المختار الكذاب في نحو ثمان مائة من المسلمين، وكانت الوقعة في مكان على مرحلتين من الكوفة.

وفيها: ندب عمر عتبة بن غزوان المازني، فمصّر البصرة، واختط المنازل، وبنى جامعها بالقصب، وسميت بصرة بأرضها البصرة؛ وهي الحجارة الرخوة.

وفيها: توفي أبو قحافة والد أبي بكر، وسعد بن عبادة كما ذكره الذهبي، وذكرهما غيره في سنة خمس عشرة، قاله الشيخ اليافعي (٢).

وفيها: فتحت بعلبك وحمص، وهرب هرقل عظيم الروم إلى القسطنطينية.


(١) انظر «فتوح الشام» (ص ٦٣).
(٢) لم يذكر اليافعي في «مرآة الجنان» (١/ ٧١) إلا وفاة سعد سنة خمس عشرة، والذي عند الذهبي في «تاريخ الإسلام» (٣/ ١٤٦)، و «العبر» (١/ ١٩): أن سعد بن عبادة توفي سنة خمس عشرة، وأما أبو قحافة .. فلم يذكره إلا في «تاريخ الإسلام» (٣/ ١٣٧)، وذكر أنه توفي سنة أربع عشرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>