للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولد لخمس بقين من ذي الحجة سنة أربع وأربعين وست مائة.

وتفقه أولا بالفقيه عبد الوهاب بن أبي بكر بن ناصر، ثم أتقن الفقه وحققه على ابن خاله محمد بن أبي بكر الأصبحي، وأخذ عليه كتب الحديث أيضا، ولما قدم المحب الطبري من مكة إلى تعز بطلب من المظفر .. وصل إليه الأصبحي، وقرأ عليه في الفقه والحديث، وكان من المحققين للفقه، العارفين به، ليس له نظير في عصره، وكفى بتصانيفه المذكورة شاهدا بذلك، وكان الفقهاء إذا تماروا في شيء .. لم يقنعهم جواب بعضهم لبعض حتى يعرفوا مأخذه، فيسألونه عمّن نصّ عليها من العلماء، فيجيبهم جوابا محققا، حتى قال بعض أكابر المدرسين في عصره بمحضر جماعة من الفقهاء: مثل هذا الفقيه وسائر الفقهاء مثل قوم ولجوا بحرا يغوصون فيه لطلب الجواهر وكان فيهم رجل مجيد في الغوص، خبير بالموضع، فإذا غاص .. قصد المواضع التي يعرفها، فيقع على الجواهر النفيسة فيخرجها، فاعترف الحاضرون بصحة ذلك.

وكان حسن الخلق، دائم البشر، حسن الألفة مع نزاهة عرض وزهد وورع.

درس بالمظفرية بالمغربة أياما قلائل بإلزام وحوالة من القاضي البهاء، ثم عاد إلى بلاده نافرا من غير إذن القاضي ولا غيره، يقال: إنه رأى في المنام والده قد دخل في مجلس التدريس من المدرسة، قال: فلما دنوت لأسلم عليه .. قطب في وجهي ولم يرد [أن] يصافحني، فاستيقظت وعلى ظني أن سبب ذلك قبولي لطعام المدرسة، فقمت بليلتي، وسافرت.

وكان يقول الحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، ويشهد له ما أفتى به من صحة وصية الدار الشمسي بنت المنصور عمر بن علي بن رسول بجلّ أموالها لابن أخيها المؤيد بن المظفر-وهو معتقل في حبس أخيه الأشرف بن المظفر-إذا أجاز الوارث-وهو الفائز بن المنصور-ما زاد على الثلث، وكان الأشرف يحب بطلان الوصية؛ ليشتري ذلك من الفائز كما تقدم ذلك في ترجمة الإمام أحمد بن سليمان الحكمي (١)، وإلى ذلك أشار الفقيه هارون السروي في قصيدة مدح بها الإمام المذكور بقوله: [من الكامل]

لما دعاه من الملوك متوج ... متغطرس وجنوده أفواج


(١) انظر (٦/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>