أمير المؤمنين أبو حفص، أمه: حنتمة بنت هاشم، ويقال: هشام بن المغيرة أخت أبي جهل، أو بنت عمه.
ولد رضي الله عنه بعد الفيل بثلاث عشرة سنة، وكان من أشراف قريش، وإليه كانت السفارة في الجاهلية، إذا وقعت الحرب بين قريش أو بينهم وبين غيرهم .. بعثوه رسولا.
ولما بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم .. كان عمر شديدا عليه، ثم لطف الله به فأسلم في السادسة من النبوة بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة، فلما أسلم .. كبّر المسلمون فرحا بإسلامه، فلما أسلم .. نادى بإسلامه فضربه الكفار وضربهم حتى أجاره خاله، ولم تطب نفسه حين رأى المسلمين يضربون وهو لا يضرب، فرد على خاله جواره، فكان يضاربهم ويضاربونه إلى أن أظهر الله الإسلام.
قال علي رضي الله عنه: ما علمت أحدا هاجر إلا مختفيا إلا عمر؛ فإنه لمّا هم بالهجرة .. تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في يده أسهما، وطاف بالكعبة والملأ من قريش بفنائها، ثم صلّى ركعتين عند المقام، ثم أتى حلقهم واحدة واحدة فقال: شاهت الوجوه، ومن أراد أن تثكله أمه، ويؤتم ولده، وترمل زوجته .. فليلقني وراء هذا الوادي، فما تبعه منهم أحد.
وشهد عمر بدرا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان شديدا على الكفار والمنافقين، وهو الذي أشار بقتل أسارى بدر، ونزل القرآن على وفق قوله في ذلك وغيره، وأجمعوا على كثرة علمه، ووفور فهمه وزهده وتواضعه، ورفقه بالمسلمين، وإنصافه ووقوفه مع الحق، وتعظيمه آثار رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وشدة متابعته له، واهتمامه بمصالح المسلمين، وإكرامه أهل الفضل والخير، وفضائله مشهورة.
استخلفه أبو بكر على الأمة، فقام بأمرها أحسن قيام وأتمه.
ومن كراماته المشهورة قضية سارية بن حصن، وهو أول من سمي بأمير المؤمنين، وله محاسن في الإسلام لا تحصى.
وعن حذيفة رضي الله عنه قال: لما أسلم عمر .. كان الإسلام كالرجل المقبل لا يزداد إلا قربا، فلما قتل عمر .. كان الإسلام كالرجل المدبر لا يزداد إلا بعدا.
وختم الله له بالشهادة، فطعنه عبد المغيرة بن شعبة أبو لؤلؤة حين أحرم لصلاة الصبح