للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الجندي: (روى الفقيه عثمان بن محمد الشرعبي من لفظه-وكان ثقة-قال: ظهر من نواحي بعض بلاد مخلاف جعفر حنش عظيم ينبح نباح الكلب، فنزل على قرية قريبة من موضع ظهوره، فجعل يصيح بصوته حتى أفزع أهل القرية، وهموا بالانتقال عنها؛ لشدة ما داخلهم من الفزع من كبره وشدة صوته، فتقدم جماعة منهم إلى بعض صالحي بلدهم وشكوا إليه حالهم مع الحنش، وسألوه الدعاء، فقال: تقدموا بأجمعكم إلى جبل يقابل موضع الحنش، ثم هللوا ونادوا: يا الله يا ربنا؛ هذا الثعبان الذي أرسلته لا طاقة لنا به، فذهبوا وفعلوا ما أمرهم به، فبيناهم على ذلك الحال؛ إذ انقض طائر عظيم أبيض الجسد أصفر المنقار والمخالب، فجعل يحارب الثعبان، فإذا أقبل عليه الطائر .. نفخه الثعبان، فيخرج من فيه نار، فيهرب الطائر، فتحرق النار ما مرت به من شجر وغيره، ثم يعود الطائر عليه مسرعا، فيضرب رأسه بمخالبه، فلم يزالا كذلك ساعة جيدة حتى كان آخر أمره وقد تعب الحنش، فضرب الطائر رأسه بمخالبه حتى كاد يغيبها، ثم أتبع ذلك بمنقاره، فجعل الحنش يتضرب ساعة وهو ممسك له حتى مات، فتركه ميتا وطار عنه، فأقبل أهل القرية على الحنش، فوجدوا ما لم يروا ولا سمعوا بمثله، فجروه إلى جانب الموضع الذي كان فيه، وحفروا له حفيرا عظيما، وقلبوا الحنش إليه، ثم واروه بالتراب) (١)، كذا ذكر الجندي هذه الحكاية في ترجمة عبد الرحمن بن الحسن بن علي الحميري المذكور في آخر المائة السابعة (٢)، وذكرها الخزرجي في ترجمة الفقيه عثمان بن محمد الشرعبي الراوي للقصة (٣).

قال أبو الحسن الخزرجي: (ولم أر لها تعلقا بترجمة الفقيه عبد الرحمن بن حسن الحميري) (٤).

فتبعت الخزرجي وذكرتها في ترجمة الفقيه عثمان، ويحتمل أن الذي أشار عليهم بصعود الجبل والابتهال إلى الله تعالى في دفع الحنش عنهم هو الفقيه عبد الرحمن الحميري؛ فلذلك ذكره الجندي في ترجمته، والله سبحانه أعلم.


(١) «السلوك» (٢/ ١٦١).
(٢) انظر (٥/ ٤٣٦).
(٣) انظر «طراز أعلام الزمن»: (٢/ ١٩٤).
(٤) «طراز أعلام الزمن»: (٢/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>