بعد قتل أخيه خليل الملقب بالأشرف، وذلك في المحرم سنة ثلاث وتسعين وست مائة، وعمره إذ ذاك تسع سنين، وخلع في المحرم سنة أربع وتسعين وست مائة، وتولى كتبغا المنصوري الملقب بالعادل، فأقام سنتين، ثم هرب في المحرم سنة ست وتسعين وست مائة، فتولى المنصور حسام الدين لاجين المنصوري، فأقام في الملك سنتين، وقتل في القلعة حادي عشر ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وست مائة، ثم عاد للملك الملك الناصر محمد بن قلاوون، وتعطلت السلطنة أحدا وأربعين يوما، إلى أن حضر إلى القلعة سادس جمادى الأولى من سنة ثمان وتسعين، فأقام عشر سنين وستة أشهر، ثم عزم إلى الحج في رمضان من سنة ثمان وسبع مائة، وعرج إلى الكرك، وأرسل يخبر الأمراء أنه أقام بها ورجع عن السلطنة لما قصرت يده في مملكته بوجود سلار وبيبرس، وكان ذلك تدبيرا منه، وذلك في عاشر شوال من السنة المذكورة، فولوا الملك المظفر بيبرس الجاشنكير المنصوري الذي كان أستاذ دار الناصر المذكور، ويعرف بالعثماني، وذلك بإشارة سلار، فأقام بيبرس أحد عشر شهرا، وخلع نفسه ثم هرب.
ثم عاد الملك إلى الناصر بن قلاوون المذكور إلى المملكة ثالثا، فعمر الجامع الجديد بمصر سنة اثنتي عشرة وسبع مائة، والقصر بالقلعة سنة أربع عشرة وسبع مائة، وجامع القلعة سنة ثمان عشرة وسبع مائة، وسافر إلى الحجاز الشريف بالركب سنة تسع عشرة، وحفر الخليج الناصري المتوصل إلى سرياقوس، وعمر عليه القناطر، وكذلك القناطر بالجيزة، وغير ذلك من ميادين وقصور وجوامع، وسافر أيضا إلى الحجاز الشريف سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة.
وتوفي يوم الأربعاء تاسع عشر الحجة من سنة إحدى وأربعين وسبع مائة، ودفن على والده بالقبة المنصورية، فكانت مدة ولايته الأخيرة اثنتين وثلاثين سنة وسبعة أشهر ونصف، وجملة ولايته أربع وأربعون سنة وخمسة عشر يوما خارجا عما بين ذلك من ولاية غيره.
ثم تولى ولده أبو بكر الملقب بالملك المنصور، فأقام شهرين وأياما، وخلع في صفر من سنة اثنتين وأربعين، وقتل بقوص.
ثم ولوا أخاه الأشرف علاء الدين كجك وعمره ست سنين، فأقام ثمانية أشهر، والأمر في دولتهما لقوصون وبشتك، فعزلوه، وتوفي بقوص بعد أربع سنين.
ثم تولى أخوه الملك الناصر أحمد-وكان مقيما بالكرك-وهو ثالث من ولي مصر من