للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الخطيب في كتابه «الشفاف»: (كان رحمه الله شديد الاجتهاد في العبادة، كثير الخلوة، مشتغلا بالله تعالى عما سواه، يخرج من أهله وسط الليل وهم نيام إلى خلواته، ولا يعود إليهم إلا بعد العشاء، فيجد غالبهم قد نام؛ فلذلك كان أولاده لا يرونه، ولا يعرفون شخصه، ويقولون لأمهم: أين أبونا؟ أما لنا أب؟ ! فتخبرهم بما هو فيه.

وكان كثير الاستغراق في الذكر وقراءة القرآن، قال عبد الله بن أبي زغيفان: دخلت تريم يوما بعد صلاة الصبح، فإذا الشيخ علي بن علوي وهو مستغرق في قراءة هذه الآية: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ}، ولم يزل يقرؤها ويرددها مستغرقا فيها إلى صلاة الظهر، وقرأ مرة في (سورة طه) فلما بلغ قوله تعالى: {فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى} .. جعل يرددها ويتواجد ساعة حتى غشي عليه.

توفي بمكة بعد أن جاور بها مدة.

وعن بعض آل تريم قال: كنت بمكة يوم مات الشيخ علي بن علوي، فحضرت جنازته، فلما أدخلوه اللحد .. رأيتهم دفنوه من غير أن يضعوا فوقه لبنا، فصحت وأنكرت عليهم في ذلك، فقال القاضي وكان حاضرا عند القبر: اسكت؛ فإنا ما وجدنا في القبر أحدا، ما دفنا إلا الكفن وحده.

وقال بعض الثقات: لما دفن الشيخ علي بن علوي رحمه الله .. رأى الذين عنده طيورا خضرا يدخلن عليه ويخرجن) (١).

ولم أقف على تاريخ وفاته، وذكرته هنا؛ تبعا لأخيه الفقيه محمد بن علوي.

ذكر له الخطيب في كتابه جملة كرامات (٢).

ودخل عدن من طريقه إلى الحج، فاجتمع بالقاضي رضي الدين أبي بكر الحبيشي، فقال له: سيأتيك أحد الأولاد يقرأ عليك، فاستوص به خيرا، وكان ذلك قبل أن يتزوج، ثم سافر وجاور بمكة زمانا، ثم عاد إلى بلده وتزوج، فظهر له ولده أبو بكر، فلما كبر ..

دخل إلى عدن، وقرأ على القاضي رضي الدين الحبيشي، فاجتهد عليه القاضي لوصية أبيه.


(١) «الجوهر الشفاف» (١٩٣/ ١ - ١٩٧).
(٢) انظر «الجوهر الشفاف» (١٩٣/ ١ - ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>